Skip to main content

سماحة الإمام الخامنئي یوجه رسالة إلى شباب أوروبا وأمريكا الشمالیة

التاريخ: 22-01-2015

سماحة الإمام الخامنئي یوجه رسالة إلى شباب أوروبا وأمريكا الشمالیة

وجه قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي رسالة إلى شباب أوروبا وأمريكا الشمالیة، تطرق فیها إلى الأحداث التي شهدتها فرنسا وبعض الدول الغربیة مؤخرا

وجه قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي رسالة إلى شباب أوروبا وأمريكا الشمالیة، تطرق فیها إلى الأحداث التي شهدتها فرنسا وبعض الدول الغربیة مؤخرا.

ودعا قائد الثورة الإسلامية في هذه الرسالة، الشباب إلى أن یتعرفوا علی الإسلام دونما واسطة، عبر القرآن الكریم وسیرة الرسول الأعظم (صلّی الله علیه وآله وسلّم) ، وألّا یسمحوا للساسة والسیاسیین بوضع سدّ عاطفي وإحساسي منیع بینهم وبین الواقع عبر رسم صورة سخیفة كاذبة عن الإسلام لیسلبوا منهم إمكانیة الحكم الموضوعي.

 

وفیما یلي النص الكامل لرسالة قائد الثورة الإسلامية:

 

بسم الله الرحمن الرحیم

 إن الأحداث الأخیرة في فرنسا وما شابهها في بعض الدول الغربیة أقنعتني أن أتحدّث إلیكم مباشرة.

أتحدّث إلیكم أیّها الأعزة دون أن أتجاهل دور والدیكم، لأني أری مستقبل شعبكم وأرضكم بأیدیكم، وأری أن الإحساس بضرورة معرفة الحقیقة في قلوبكم أكثر حیویة ووعیاً. وكذلك فإني لا أخاطب الساسة والمسؤولین عندكم لأني أتصور أنهم بعلمٍ ودرایةٍ منهم فصلوا درب السیاسة عن مسار الصدق والحقیقة.

حدیثی معكم عن الإسلام وبصورةٍ خاصةٍ عن الصورة التي یعرضونها عن الإسلام لكم.

قبل عقدین وإلی یومنا هذا، أي بعد انهیار الإتحاد السوفیتي تقریباً جرت محاولات كثیرة لإعطاء هذا الدین العظیم موقع العداء المخیف. وللأسف إن عملیة إثارة مشاعر الرعب والفزع والنفور واستغلالها لها ماضٍ طویلٍ في التاریخ السیاسي للغرب.

لا أرید هنا أن أتعرض إلی ما یثیرون من أنواع الرعب في قلوب الشعوب الغربیة وعند استعراضكم العابر للدراسات التاریخیة والنقدیة المعاصرة ستجدون كیف تؤنب الكتابات التاریخیة الأعمال الكاذبة والمزیِّفة للدول الغربیة تجاه سائر الشعوب والثقافات.

إن تاریخ أوروبا وأميركا یطأطئ رأسه خجلاً أمام سلوكه الإسترقاقي والإستعماري وظلمه تجاه الملوّنین وغیر المسیحیین. ثم إن المؤرخین والباحثین لدیكم عندما یمرون علی عملیات سفك الدماء باسم الدین بین البروتستان والكاثولیك أو باسم القومیة والوطنیة إبان الحربین العالمیین الأولی والثانیة یشعرون بالمرارة والانحطاط.

وهذا بحد ذاته یدعو إلى التقدیر؛ ولست استهدف من خلال استعادة قسم من هذه القائمة الطویلة جَلد التاریخ ولكني أرید منكم أن تسألوا كل مثقفیكم ونخبكم لماذا لا يستيقظ الوجدان العام في الغرب دائما إلا مع تأخیر عشرات السنین وربما المئات من السنین؟ ولماذا كانت عملیة النظر في الوجدان العام تتّجه نحو الماضي البعید وتهمل الأحداث المعاصرة؟

لماذا نجدهم في موضوع مهم من قبیل أسلوب التعاطي مع الثقافة والفكر الإسلامي یمنعون من تكوّن وعي عام لدیكم؟

أنتم تعلمون جیداً أن التحقیر وإیجاد حالة النفور والرهاب الموهوم من الآخرین تشكل أرضیة مشتركة لكل تلك الإستغلالات الظالمة. أرید الآن أن تسألوا أنفسكم لماذا استهدفت سیاسة نشر الرعب والنفور القدیمة الإسلام والمسلمین بقوة وبشكل لا سابقة لها؟ لماذا یتّجه نظام القوة والسلطة في عالمنا الیوم نحو تهمیش الفكر الإسلامي وجرّه إلى حالة الانفعال؟

هل هناك مفاهیم وقیم في الإسلام تزاحم برامج ومشاریع القوی الكبرى وما هي المنافع التي تتوخاها هذه القوی من وراء طرح صورة مشوّهة وخاطئة عن الإسلام. ولهذا فإن طلبي الأوّل منكم أن تتساءلوا وتتحروا عن عوامل هذا التعتیم الواسع ضد الإسلام.

الأمر الثاني الذي أطلبه منكم أن تقوموا كردِّ فعلٍ لسیل الاتهامات والتصورات المسبقة والإعلام السلبي وأن تسعوا لتكوین معرفة مباشرة ودونما واسطة عن هذا الدین. إن المنطق السلیم یقتضي أن تدركوا حقیقة الأمور التي یسعون لإبعادكم عنها وتخویفكم منها فما هي وما هي أبعادها وحقیقتها؟

أنا لا أصرّ علیكم أن تقبلوا رؤیتي أو أیة رؤیة أخری عن الإسلام، لكني أدعوكم ألّا تسمحوا أن یستفید هؤلاء من الإدعاءات المرائیة للإرهابیین العملاء لهم وتقدیمهم لكم باعتبارهم مندوبي الإسلام. علیكم أن تعرفوا الإسلام من مصادره الأصیلة ومنابعه الأولی. تعرّفوا علی الإسلام عبر القرآن الكریم وسیرة الرسول الأعظم (صلّی الله علیه وآله وسلّم). وأودّ هنا أن أتساءل: هل راجعتم قرآن المسلمین مباشرة؟ هل طالعتم أقوال رسول الإسلام(صلّی الله علیه وآله وسلّم) وتعالیمه الإنسانیة والأخلاقیة؟ هل اطلعتم علی رسالة الإسلام من مصدر آخر غیر الإعلام؟ هل سألتم أنفسكم كیف استطاع الإسلام ووفق أیة قیم طوال قرون متمادیة أن یقیم أكبر حضارة علمیة وفكریة في العالم وأن یربي أفضل العلماء والمفكرین؟

أطالبكم ألّا تسمحوا لهم بوضع سدّ عاطفي وإحساسي منیع بینكم وبین الواقع عبر رسم صورة سخیفة كاذبة عن الإسلام لیسلبوا منكم إمكانیة الحكم الموضوعي. والیوم حیث نری أن أجهزة التواصل اخترقت الحدود الجغرافیة، علیكم ألّا تسمحوا لهم أن یحاصروكم في الحدود الذهنیة المصطنعة، وإن كان من غیر الممكن لأي أحد أن یملأ الفراغات المستحدثة بشكل فردي ولكن كلاً منكم یستطیع هادئاً لتوعیة نفسه وبیئته أن یقیم جسراً من الفكر والإنصاف علی هذه الفراغات.

إن هذا التحدي المبرمج من قبل لنوع العلاقة بین الإسلام وبینكم أنتم الشباب أمر مؤلم، لكن بإمكانه أن یثیر تساؤلات جدیدة في ذهنكم الوقاد والباحث.

إن سعیكم لمعرفة الأجوبة علی هذه التساؤلات یشكل فرصة سانحة لكشف الحقائق الجدیدة أمامكم، وعلیه یجب أن لا تفوتوا هذه الفرصة للوصول إلى الفهم الصحیح ودرك الواقع دون حكم مسبق؛ ولعلّه من آثار تحملّكم هذه المسؤولیة تجاه الواقع، أن تقوم الأجیال الآتیة بتقییم هذه الفترة من تاریخ التعامل الغربی مع الإسلام، بألمٍ أقل زخماً ووجدانٍ أكثر اطمئناناً.

السید علي الخامنئي

21/01/2015

29/ربيع الأول/1436هـ

احدث الاخبار

الاكثر قراءة