نداء قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي إلى حجاج بيت الله الحرام
التاريخ: 14-10-2013
نداء قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي إلى حجاج بيت الله الحرام وجه قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي نداء إلى حجاج بيت الله الحرام أكد فيه أن أي قول أو عمل يشعل نار الاختلاف بين المسلمين ويهين مقدساتهم هو خيانة للإسلام ومحرم شرعا
نداء قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي إلى حجاج بيت الله الحرام
وجه قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي نداء إلى حجاج بيت الله الحرام أكد فيه أن أي قول أو عمل يشعل نار الاختلاف بين المسلمين ويهين مقدساتهم هو خيانة للإسلام ومحرم شرعا.
وقال الإمام الخامنئي في نداء تمت قراءته اليوم الاثنين في مراسم البراءة من المشركين التي أقيمت في صحراء عرفات، أن الاضطراب السياسي وانتشار الإرهاب في المنطقة هو نتاج المخططات الأجنبية وعملاء الاستكبار، موضحاً أن الأوضاع المزرية قد تدفع المسلمين لنسيان قضايا أساسية كإنقاذ فلسطين والشعوب الإسلامية من المؤامرات الأميركية والصهيونية.
وأكد قائد الثورة بأن أي قول أو عمل يشعل نار الاختلاف بين المسلمين ويهين مقدساتهم فانه يخدم معسكر الكفر وهو خيانة للإسلام ومحرّم شرعا.
وفيما يلي ترجمة نص نداء الإمام الخامنئي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين وصحبه المنتجبين.
حلول موسم الحج يعد عيدا كبيرا للأمة الإسلامية. وهو فرصة ثمينة توفرها هذه الأيام الكريمة كل عام لمسلمي العالم. ووصفة معجزة لو عُرفت قيمتها ووُظفت بالشكل المناسب فإنها ستعالج الكثير من الأضرار ونقاط الضعف في العالم الإسلامي.
الحج نبع متدفق للفيض الإلهي. وكل واحد منكم أيها الحجاج السعداء حالفه الحظ لتطهير القلب والروح بالشكل المناسب من خلال هذه الأعمال والمناسك المفعمة بالصفاء والمعنوية، ولتتزودوا من نبع الرحمة والعزة والقدرة لجميع عمركم، من خلال الخشوع والتسليم في مقابل الله الرحيم. والالتزام بالواجبات التي وضعت على عاتق المسلمين، والنشاط والفعالية والمبادرة لأعمال الدين والدنيا. والتراحم والعفو في التعامل مع الإخوان، والتحلي بالجرأة والثقة بالنفس في مقابل الحوادث الصعبة والأمل بعون الله ومساعدته في كل مكان وفي كل شيء، وبعبارة وجيزة، يمكنكم العمل على صناعة وإعداد أنفسكم كإنسان على الطراز الإسلامي في هذه الساحة الإلهية للتعليم والتربية وتزيين أنفسكم بهذه الخصال والاستفادة من هذه الذخائر لوطنكم وأمتكم وبالنتيجة أخذها كهدية للأمة الإسلامية.
إن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون اليوم إلى أناس يتمتعون بالفكر والعمل المشفوع بالإيمان والصفاء والإخلاص والمقاومة في مقابل الأعداء الحاقدين إلى جانب الإعداد المعنوي والروحي. وهذا هو الطريق الوحيد لنجاة المجتمع الإسلامي الكبير من المصائب التي تلم به جهارا من قبل الأعداء أو بسبب ما علق بهم في الأزمان السالفة من ضعف الإرادة والإيمان والبصيرة.
لا شك أن العصر الحاضر هو عصر الصحوة واكتشاف الهوية بالنسبة للمسلمين. وهذه الحقيقة يمكن استنتاجها بوضوح من خلال التحديات التي تواجهها الدول الإسلامية. وفي هذه الظروف بالذات فإن العزم والإرادة المرتكزة على الإيمان والتوكل والبصيرة والتدبير يمكنها أن تخرج الأمم الإسلامية من هذه الأزمات منتصرة مرفوعة الرأس وتجعل مصيرها العزة والكرامة.
إن الجبهة المقابلة التي لا تطيق يقظة وعزة المسلمين استنفرت جميع وسائلها الأمنية والنفسية والعسكرية والاقتصادية والدعائية لإرباك المسلمين وقمعهم وإلهائهم بأنفسهم. نظرة واحدة على وضع دول غرب آسيا من باكستان وأفغانستان إلى سورية والعراق وفلسطين ودول الخليج الفارسي، ودول شمال أفريقيا أيضا من ليبيا ومصر إلى السودان وبعض الدول الأخرى توضح كثيرا من الحقائق: الحروب الداخلية، العصبيات الدينية والطائفية العمياء، الاضطرابات السياسية، انتشار ظاهرة الإرهاب القاسي، وظهور مجموعات وتيارات متزمتة تقوم على طريقة الأقوام المتوحشين في التاريخ بشق صدور البشر وتمزق قلوبهم بأسنانها، والمسلحون الذين يقتلون الأطفال والنساء ويقطعون رؤوس الرجال ويعتدون على أعراضهم. وفي بعض الحالات يتم ارتكاب هذه الجرائم المخجلة والمثيرة للاشمئزاز باسم الدين وتحت رايته.
إن كل ذلك هو نتاج المخططات الشيطانية والاستكبارية للأجهزة الأمنية الأجنبية وعملاء الحكومات العميلة لها في المنطقة. وهي تحصل في الدول التي تتوفر فيها الأرضيات الخصبة، وتحول حياة شعوبها إلى جحيم وتذيقهم المرارة. ومن المؤكد انه في مثل هذه الأوضاع والظروف لا يمكن توقع أن تقوم الدول الإسلامية بتلافي النواقص المادية والمعنوية وتحقيق التقدم العلمي والاقتدار الدولي الذي هو من بركات الصحوة واستعادة الهوية.
هذه الأوضاع المزرية يمكن أن تؤدي إلى عقم الصحوة الإسلامية وإهدار الاستعدادات الروحية التي تفجرت في العالم الإسلامي، وتعيد الأمم الإسلامية مرة أخرى إلى حالة من الركود والانزواء والانحطاط وتدفع إلى زوايا النسيان قضاياها الأساسية والمهمة كإنقاذ فلسطين والأمم الإسلامية من المؤامرات الأمريكية والصهيونية.
إن العلاج البنيوي والأساسي يمكن تلخيصه في جملتين وكلاهما من ابرز دروس الحج:
الأولى: اتحاد وتآخي المسلمين تحت لواء التوحيد.
الثانية: معرفة العدو والتصدي لمخططاته وأساليبه.
إن تعزيز روح الإخوة والتآخي هو درس الحج الأكبر. الجدال والتهكم على الآخرين ممنوع في الحج. واللباس واحد والمناسك واحدة والحركات واحدة. والتعامل الرؤوف هنا يعنى المساواة والإخوة بين جميع الأشخاص الذين يعتقدون ويؤمنون بمحورية التوحيد. وهذا هو رد الإسلام الصريح لكل فكر وعقيدة ودعوة تدعو لإخراج فرقة من المسلمين المؤمنين بالكعبة والتوحيد من دائرة الإسلام.
إن العناصر التكفيرية اليوم هي ألعوبة بيد الساسة الصهاينة الغدارين وحماتهم الغربيين وتقوم بجرائم رهيبة وتسفك دماء المسلمين والأبرياء. وليعلم الدعاة والمتزييين بلباس رجال الدين الذين ينفخون في نار الفتنة بين الشيعة والسنة وأمثالها، ليعلموا أن نفس مراسم الحج تبطل مدعاهم.
إنني ككثير من علماء الإسلام والحريصين على الأمة الإسلامية أعلن مرة أخرى أن أي قول أو عمل يؤجج نار الاختلاف بين المسلمين، وأيضا أي اهانة لمقدسات أي من الفرق الإسلامية أو تكفير احد المذاهب الإسلامية هو خدمة لمعسكر الكفر والشرك وخيانة للإسلام ومحرم شرعا.
إن معرفة العدو وأساليبه هي الركن الثاني. فأولا لا يجوز الغفلة عن وجود العدو الحاقد أو نسيانه. ومناسك رمي الجمرات في الحج هي علامة رمزية على هذا الاستحضار الذهني الدائم لعدم الغفلة عن العدو.
ثانيا لا يجوز الوقوع في خطأ تحديد العدو الأساسي الذي هو اليوم نفس جبهة الاستكبار العالمي والشبكة الصهيونية المجرمة.
وثالثا يجب تشخيص أساليب هذا العدو اللدود والمتمثلة بإيقاع الفرقة بين المسلمين وترويج الفساد السياسي والأخلاقي وتهديد وتطميع النخب والضغط الاقتصادي على الشعوب والتشكيك في العقائد الإسلامية. كما يجب معرفة المرتبطين به وأياديهم سواء ارتبطوا به عن قصد أو غير قصد.
إن الدول المستكبرة وفي مقدمتها أمريكا، تقوم بمساعدة وسائلها الإعلامية الواسعة والمتطورة بإخفاء وجهها الحقيقي، كما تقوم بخداع الرأي العام للأمم والشعوب من خلال التظاهر بحماية حقوق الإنسان والديمقراطية. إن هؤلاء يتظاهرون بالدفاع عن حقوق الشعوب في الوقت الذي تكتوي فيه الشعوب الإسلامية بكل كيانها بنار فتنهم كل يوم أكثر من الماضي.
إن نظرة واحدة إلى الشعب الفلسطيني المظلوم الذي يتلقى يوميا طعنات جرائم الكيان الصهيوني وحماته على مدى عشرات السنين أو إلى بلدان أفغانستان وباكستان والعراق حيث حول الإرهاب الذي هو وليد سياساتهم الاستكبارية وأياديهم الإقليمية حياة شعوبها إلى جحيم.
أو نظرة إلى سورية التي تتعرض بجرم دعم تيار المقاومة ضد الصهيونية إلى أمواج حقد المتسلطين الدوليين وعملائهم في المنطقة، حيث أضحت أسيرة حرب دموية (داخلية).
أو نظرة إلى البحرين أو ميانمار حيث يتم التعامي عما يتعرض له المسلمون من المحن ويتم دعم أعدائهم.
أو نظرة إلى الشعوب الأخرى التي يتم تهديدها عسكريا باستمرار من قبل أمريكا أو حلفاؤها أو تحاصر اقتصاديا أو تهدد امنيا. إن كل ذلك يظهر الوجه الحقيقي لقادة النظام السلطوي.
يجب على النخب السياسية والثقافية والدينية في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن تلتزم ببيان هذه الحقائق. وهذا واجب أخلاقي وديني يقع على عاتقنا جميعا.
إن دول شمال أفريقيا التي هي تعاني اليوم أكثر من المناطق الأخرى من الاختلافات العميقة، يجب أن تنتبه إلى هذه المسؤولية العظيمة -أعني معرفة العدو وأساليبه وحيله. إن استمرار الاختلافات بين التيارات الوطنية والغفلة عن خطر الحرب الداخلية في هذه البلدان،خطر كبير لا يمكن تلافي إضراره الكبيرة على الأمة الإسلامية في المدى القريب.
نحن بالطبع لا شك لدينا بأن الشعوب التي نهضت في تلك المنطقة وجسدت الصحوة الإسلامية لن تسمح -بإذن الله- بعودة عقارب الساعة إلى الوراء وعودة الزعماء الفاسدين والعملاء والديكتاتوريين. لكن الغفلة عن دور القوى الاستكبارية في إثارة الفتن والتدخل المخرب ستزيد من صعوبة عملهم. وستؤخر عصر العزة والأمن والرفاه لسنوات. نحن نؤمن بقدرة الشعوب وبالقدرة التي أودعها الباري الحكيم في إرادة وإيمان وبصيرة جماهير الشعب. ونؤمن بها من أعماق القلب ورأينها بأم العين قبل ثلاثة عقود في الجمهورية الإسلامية في إيران وعايشناها بكل كياننا.
إن عزمنا هو دعوة جميع الشعوب الإسلامية إلى النظر في تجربة إخوانهم في هذا البلد الأبي الذي لا يعرف الكلل.
أدعو الله تعالى أن يصلح حال جميع المسلمين وأن يدفع كيد أعدائهم. ويقبل حجكم يا حجاج بيت الله الحرام. وأسأله السلامة لكم في الجسد والروح وأن يفيض عليكم من خزائن رحمته.
والسلام عليكم ورحمة الله
السيد علي الخامنئي
"ذي الحجة 1434 ، تشرين الأول / أكتوبر 2013م"
المصدر: موقع قناة العالم
احدث الاخبار
العميد جلالي: بنيتنا التحتية الصاروخية تحت الأرض سليمة ولم تمس
برّ الوالدين في سيرة أهل البيت عليهم السلام
خطيب جمعة طهران: صمود المقاومة الإسلامية هو ثمرة التأسي بمدرسة القرآن الكريم
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية
