Skip to main content

طهران ـ فلسطين؛ بين السفارة والدولة والوطن

التاريخ: 04-10-2011

طهران ـ فلسطين؛ بين السفارة والدولة والوطن

بقدر ما يحشد الرئيس محمود عباس لدولة فلسطينية "ناقصة السيادة" ومحل شبهة شديدة لكونها تمنح "مشروعية" دولية لـ"دولة عبرية خالصة" على سائر أرض فلسطين التاريخية بقدر ما تحشد قوى المقاومة والممانعة وفي مقدمتها طهران لمشروع فلسطين من النهر إلى البحر وطن للفلسطينيين والفلسطينيين فقط

بقدر ما يحشد الرئيس محمود عباس لدولة فلسطينية "ناقصة السيادة" ومحل شبهة شديدة لكونها تمنح "مشروعية" دولية لـ"دولة عبرية خالصة" على سائر أرض فلسطين التاريخية بقدر ما تحشد قوى المقاومة والممانعة وفي مقدمتها طهران لمشروع فلسطين من النهر إلى البحر وطن للفلسطينيين والفلسطينيين فقط.

 

من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية إلى رؤساء مجالس عربية وإسلامية إلى قيادات متنوعة من أصحاب الرأي وصناع ثقافة الصحوة العربية والإسلامية كانوا جميعا خلال اليومين الماضيين في طهران ضيوفا عليها بالمئات ولسان حالهم يقول: مخطئ محمود عباس بالتأكيد عندما يراهن على سراب ما يسمى بالمجتمع الدولي.

 

طبعا ليس بالضرورة أنهم جميعا كانت أيديهم على الزناد وهم ينتظرون ساعة الصفر في معركة التحرير والخلاص التي يؤجلها قادة تل أبيب منذ سنوات خوفا من نتائجها المرعبة ويشتهيها سيد المقاومة ـ على حد تعبيره ـ منذ سنوات أيضا, لكن القدر المتيقن الذي جمع كل أولئك في طهران هو أن هذا البلد كان أول من سدد رصاصة الموت إلى صورة الدويلة الغاصبة "إسرائيل" واعترف مقابل ذلك رسميا بالدولة الأصلية أي فلسطين وانزل العلم المزيف ووضع محله العلم الأصيل غداة ثورة العام 1979 م.

 

منذ كامب ديفيد الكارثة والمصيبة وهذا الحشد المتبادل يتعايش في سباق محموم بين من يعيش وهم التفاوض مع عدو غدار ومجتمع دولي منافق ومن يحضر لمعركة الحسم بقوة المقاومة حول هوية فلسطين التاريخية .

 

قبل ثلاثة عقود استنجد الرئيس ياسر عرفات بالإمام الخميني الراحل هاتفيا من بغداد طالبا قطع علاقة بلاده مع فرعون ذلك العصر المصري البائد بعد أن خذله الحكام العرب والمجتمع الدولي وتركوا فلسطين وحيدة في مهب الرياح ـ والتعبير لعرفات ـ ولم يتطلب الأمر يومها سوى سويعات فقط حتى يسرع الرسول الذي تلقى برقية الاستنجاد ليلا عبر اللاسلكي في سفارة فلسطين في طهران إلى قم المقدسة والذي كان يومها نائب السفير الفلسطيني ـ الشهيد حليم - حتى سمع ما يثلج صدره : "سيلبى طلبكم قبل أن يرتد إليكم طرفكم " وهو ما حصل بالفعل أي قبل طلوع فجر اليوم التالي حيث قطعت العلاقات مع مصر من أجل فلسطين.

 

اليوم وبعد مرور العقود الثلاثة العجاف على فلسطين والفلسطينيين يتقدم رجل من خراسان يحمل راية من وعد وصدق في وعده ليعد الفلسطينيين المستنجدين من جديد: بأن فلسطين التاريخية كلها لن تكون إلا للفلسطينيين وأنه وعد عليه أمام الله أن تدفع بلاده الأثمان المطلوبة من أجل ذلك مهما كانت لأن مهر فلسطين أغلى من دول الدنيا كلها وأن يوم الصلاة في القدس منتصرين ليس سوى صبر ساعة, أليس الصبح بقريب.

 

إنه رجل الدولة والثورة الأول الإمام السيد علي الخامنئي الذي أقسم على ما يبدو أن لا أمن ولا استقرار ولا حياة حرة كريمة لأحد في هذا المشرق ما لم تعود فلسطين لأهلها الأصليين وأن دعم فلسطين وإسناد المقاومين وحاملي رايات الجهاد إنما هو جزء من الأمن القومي الإيراني والذي ينبغي أن يكون جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي لكل قطر عربي أو مسلم.

 

كان الرجل واضحا وشفافا جدا في خطابه بمناسبة مؤتمر دعم الانتفاضة الخامس:

 

- كل تفاوض مع العدو لا ينتج إلا سراب ووقائع مفاوضات العشرين عاما الماضية خير دليل وبرهان.

 

- إن حل الدولتين ليس فقط لا يعيد الحقوق الكلية للفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين بل إنه يمنح المشروعية الدولية لما سيبقى من الكيان الغاصب على الأرض التاريخية للفلسطينيين.

 

- إن الحل الوحيد الذي يؤمن حق الفلسطينيين هو خيار المقاومة وإنه لم يكن يوما لا مع خيار رمي اليهود في البحر ولا خيار مواجهة كلاسيكية بين الجيوش العربية والإسلامية مع جيش العدو.

 

- إن فلسطين المطلوب إعادة رسمها على الخريطة السياسية بفضل هذا الخيار هي فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر.

 

- أنه إذا كان الخط الأحمر لاوباما هو "أمن إسرائيل" فليعلم جيدا أن هذا الخط ساقط لا محالة ولن تحميه درع صاروخية هنا أو هناك وعند اللزوم فإن صواريخ بلاده ستتحرك وتفعل فعلها.

 

وربما كان هذا الأخير هو أهم وأخطر وأوضح رسالة توجه حتى الآن على لسان الرجل الأول الذي يمسك بتلابيب الحكم في إيران إلى الكيان الصهيوني وسيد البيت الأبيض ما قد يعني الكثير من المفاجئات في المشهدين الإقليمي والدولي مستقبلا.

 

أخيرا وليس آخرا فإن الرئيس عباس الذي يناور في الهواء براية الدولة المقطعة والمحاصرة بالمستوطنات والمؤامرات الدولية, فإن من اجتمعوا في طهران سينزلون إلى الميدان في المرحلة الجديدة من الصراع وشعارهم يقول: إن الفلسطينيين لا يبحثون عن وطن فوطنهم معروف ألا وهو فلسطين كل فلسطين.

 

مرحلة جديدة مبنية على موازين جديدة تكرست في الآونة الأخيرة في البر كما في البحر كما في الجو من طهران إلى غزة مرورا بلبنان المقاوم الذي باتت هيبته تطال حتى مجلس الأمن الدولي, وباتت فيها طهران تناكف الأمريكيين ليس فقط في البحرين الأحمر والأبيض بعد مضائق هرمز وباب المندب بل وترد على الاقتراح الأمريكي بضرورة إيجاد خط ساخن عسكري بين البلدين تهيبا من احتكاك غير محسوب بالقول: عندما تصل سفننا إلى خليج المكسيك؛ سيكون ذلك مطروحا على طاولة النقاش, كما ورد على لسان أحد قادة الحرس الثوري الإيراني.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة