جيواستراتيجيا العلاقات الإيرانية المصرية
التاريخ: 03-08-2011
مجرد أن يزور وفد إيراني برلماني ـ شعبي مصر ويلتقي رجالاتها في وقت تحرص فيه القيادة المصرية على عدم استقبال أي موفد صهيوني من تل أبيب فهو مؤشر بائن على مدى التحول الذي تعيشه مصر ما بعد 25 يناير
مجرد أن يزور وفد إيراني برلماني ـ شعبي مصر ويلتقي رجالاتها في وقت تحرص فيه القيادة المصرية على عدم استقبال أي موفد صهيوني من تل أبيب فهو مؤشر بائن على مدى التحول الذي تعيشه مصر ما بعد 25 يناير.
وتزداد الصورة المتشكلة عن مصر الجديدة فرادة وتميزا إذا ما علمنا أن مثل هذا الحدث كان مترافقا مع زيارة من تجمع العلماء المسلمين اللبنانيين المعروف بموقفه المكافح ضد الصهيونية والمدافع عن وحدة المسلمين والمتصدي لمشروع الفتنة المذهبية.
فكيف إذا ما أضيف إلى هذين المشهدين وجود وفد من حزب الله اللبناني الذي حطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وهشم صورة الكيان وقادته الذين كانوا يحلمون بإمبراطورية من الفرات إلى النيل فإذا بهم اليوم يتوسلون القبة الحديدية الأمريكية التي تزعم واشنطن أنها ستقيهم هجوم صاروخيا من ستين ألف عدد لحزب الله يحاولون التصدي لها حتى الآن من وراء جدار عازل.
يقول الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل الذي التقيناه في مكتبه على ضفاف النيل لتقديم الدعوة إليه لزيارة طهران وبعد حديث مطول ومتشابك حول ما يحصل في العالمين العربي والإسلامي:
"إنها المرة الأولى على الإطلاق التي يصل فيها حدود التأثير والنفوذ الإيراني إلى مياه البحر المتوسط, وفي هذا انقلاب قي الجيواستراتيجيا تراقب الدول العظمى تداعياته بحيرة وقلق, وهو أمر سيغير وجه التاريخ فيما لو حافظت إيران ـ أي المعادلة الداخلية البنيوية ـ عليه بمزيد من التماسك الداخلي وصلابة الموقف الخارجي."
إنها المرة الأولى التي يزور فيها وفد إيراني برلماني شعبي القاهرة ما بعد 25 يناير بقرار من المجلس العسكري وذلك للمشاركة في المؤتمر التأسيسي للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة وهو المؤتمر الذي دعت إليه جماعات لبنانية ومصرية عروبية وإسلامية بين 24 و25 من تموز هدفها تحصين العالم العربي من محاولات هجوم مضاد على صحوته ووأد الفتن المتنقلة, الأمر الذي ينقل العلاقة بين طهران والقاهرة من مرحلة إلى أخرى "تفقأ عين تل أبيب" على حد تعبير مراقب لبيب.
في هذه الأثناء تتوالى الوفود التجارية والأزهرية والفنية الشعبية على طهران دون انقطاع منذ انطلاقة العهد المصري الجديد ما يمهد الأرض لعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية بين البلدين في مدة أقصاها الانتهاء من عملية بناء البيت المصري من الداخل مع بدايات العام الميلادي الجديد أي مع انتخاب برلمان ومجلس شورى وحكومة ورئيس جديد كما يأمل المصريون "الحريصون على مصر بالجملة وليس بالمفرق" كما يقول أحد المرشحين الرئاسيين.
نحن من جهتنا أيضا فإن كل ما رأيناه وشاهدناه في القاهرة مطمئن رغم الضجيج المتعمد المحاط بعملية التحول والذي تحاول تضخيمه جهات باتت معروفة لدى المصريين الأحرار.
وكل من تحدثنا إليه من أحرار مصر من "مشايخ وأفندية" وعلى اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية كان سعيدا بأن يرى اللبناني المقاوم والإيراني الممانع في حضرة تحولات النيل فيما يبتعد الأمريكي المستكبر ناهيك عن غياب الصهيوني مع كل يوم يمر عن مطبخ صناعة القرار في بلاده.
لقد راهنا كثيرا في جمعية الصداقة الإيرانية المصرية على الضفتين الإيرانية والمصرية على أنه إذا كان صحيحا القول بأنه كلما ابتعدت مصر عن تأثيرات كامب ديفيد كلما اقتربت من العرب والمسلمين واستعادت دورها التاريخي في الريادة فإنه من الصحيح القول أيضا بأنه كلما اقترب العرب والمسلمون من مصر وعززوا علاقتهم بها فإنها ستبتعد بالضرورة عن كامب ديفيد وتأثيراتها, وهذا ما لمسناه وأحسسنا به على امتداد جولاتنا الحوارية مع أحرار مصر الجديدة بكل أطيافهم.
مصر الجديدة تخلع عنها رداء كامب ديفيد رويدا رويدا ولكن بكل الثبات المعروف عن هبة النيل ولن يقف بوجه قادتها الجدد من شباب وشيوخ ومن مدنيين وعسكريين, أية رياح من أي جهة أتت حتى لو تلونت بغبار الصحراء القريبة.
ومصر الجديدة لم تعد وحدها من الآن فصاعدا وهي لن تبقى معزولة ولن يسمح إخوتها وأصدقاؤها وحلفاؤها الجدد أن يصادر ثورتها أحد أو يخطف انجازاتها أحد أو يقرصن حراكها احد.
الجنود المجهولون الذين يعملون ليل نهار من أجل الانتقال الهادئ لمصر من معسكر كامب ديفيد إلى معسكر الممانعة والمقاومة مطمئنون إلى حال مصر ويعتقدون بأن مخططات إظهار مصر وكأنها تعيش حالة من الفلتان الأمني أو أنها تعاني من الفاقة والعوز ما يتطلب الاستقواء بالأجنبي المتمول من جديد, إنما هو جزء من مخطط الثورة المضادة التي ستبوء بالفشل بفضل الصبر والمثابرة والتصميم على المضي في طريق اللاعودة إلى الوراء مهما كانت الأثمان.
وكما هو التحول الحاصل في إيران من حيث الجيواستراتيجيا فإن التحول الجاري في مصر ليس أقل أهمية إن لم يكن أكثر, ذلك لأن خلع رداء كامب ديفيد وإن بالتدريج والعودة إلى قرار احتضان قاهرة المعز للعرب والمسلمين إنما هو تحول جيواستراتيجي مصري يوازي سيطرة الأمة على مفارق بحارها وخلجانها ومضائقها المائية والبرية وتجديد عهد الأندلسيين على حد قول أحد كبار مصر الحرة من جديد.
وهنا بالذات ثمة من يعتقد بأن معارك الإصلاح والتجديد والتغيير وحراسة مواقع الممانعة والمقاومة على ساحات ليبيا واليمن والبحرين وسوريا وسائر أقطار الوطن العربي الكبير إنما بات رهن باستكمال مراحل الثورة المصرية وانتقالها النهائي من حالتها القديمة إلى حالها الجديدة, وبشائر ذلك بات مسموعا ومقروءا لكل زائر لمصر الجديدة شرط أن يكون السماع والقراءة بالأفئدة والبصائر لا بالآذان والعيون فحسب.
احدث الاخبار
العميد جلالي: بنيتنا التحتية الصاروخية تحت الأرض سليمة ولم تمس
برّ الوالدين في سيرة أهل البيت عليهم السلام
خطيب جمعة طهران: صمود المقاومة الإسلامية هو ثمرة التأسي بمدرسة القرآن الكريم
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية