Skip to main content

في ذكرى رحيل الإمام الخميني.. من قال أنّ هذه الثورات يتيمة؟!

التاريخ: 09-06-2011

في ذكرى رحيل الإمام الخميني.. من قال أنّ هذه الثورات يتيمة؟!

الآن وفي ضوء هذا المناخ الثوري الذي لم يكن خارجا عن همّ الإمام ولا عن نداءاته للشعوب والمستضعفين كافة، وبالنظر إلى أن كل ثورة تحتاج إلى أساس عقائدي أو إيديولوجي، فإن ثمة حاجة موضوعية للانفتاح على فكر الإمام الخميني ليس كأطروحة نظرية فحسب، بل وفي سياقها الحيوي أيضا

الآن وفي ضوء هذا المناخ الثوري الذي لم يكن خارجا عن همّ الإمام ولا عن نداءاته للشعوب والمستضعفين كافة، وبالنظر إلى أن كل ثورة تحتاج إلى أساس عقائدي أو إيديولوجي، فإن ثمة حاجة موضوعية للانفتاح على فكر الإمام الخميني ليس كأطروحة نظرية فحسب، بل وفي سياقها الحيوي أيضا.

 

اثنان وعشرون سنة مرت على الرحيل، ولم يزده الغياب إلاّ حضورا، بل لعلّ استحضاره اليوم هو أكثر من أي وقت مضى، وكيف لا يستحضره الأحرار في زمن الربيع العربي الناهض ثورةً والمتألق حريةً على مساحات من خارطة الوطن العربي التي طال بها الانتظار من يوم أن أزهر ربيع الثورة في طهران ذات خريف من عام 1979م.

 

في مظهره وبهاء طلعته يبدو الخميني العظيم وكأنه رجل قادم إلينا من زمن الرّسول والأوصياء (عليهم السلام)، عيناه تومضان بشارة وعزما، وفي إسبالهما نوع استحياء في محضر الناصر الجبّار..تحت عباءته تدثر حلم الأنبياء وسِفرُ الخلاص، في عمامته عنفوان ينطوي على حزن؛ لكنه حزن يتحدى ويفتتح المسارات الصعبة.. في خطواته هدير زمن آتٍ يلتقطه من ألقي السمع وهو شهيد، في كفّـه المبسوط عند التحية فيوضات عطفٍ تسري في هدوء إلى الصدور فتربط على قلوب الثوّار.

 

لم يكن الإمام الخميني(رض) مجرد رجل ثائر وعالم زاهد ومربّي حكيم في سياق تاريخي محدّد ومحدود.. بل كان ـ نفسه ـ زمنا جديدا وأصيلا في التاريخ، ومعادلة راجحة في السياسة.

 

هو بدايةٌ من أجمل بداياتِ المعنى في تاريخنا، كان استدراكا على عهود متطاولة من العطالة التاريخية والمهانة الوجودية.. كان استئنافا للإسلام المحمدي الأصيل تخطّى بنا ظلمات مديدة بطغيانها وتحريفاتها.

 

لمّا انتبه العالم لحضوره في أوج الحراك الثوري في طهران؛ كان الإسلام قد وجد له صياغة أمريكية، تحجب نوره أو تكاد، وكان الرساليون قد استيأسوا وظنوا أنهم قد غُلبوا في مضمار النظرية والبرامج أمام التيارات الماركسية التي اجتاحت العالم الإسلامي وامتدت في أوساط النخب والجامعات.

 

كان الأمل باستعادة فلسطين يتباعد بعدما خرجت مصر من الصراع بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978م، كما أبعِدت وفي نفس العام (14أذار) قوى المقاومة عن خطوط التماس مع الأرض المحتلة بعد أن اجتاح الجيش الإسرائيلي منطقة الجنوب اللبناني حتى حدود الليطاني وأقام دويلة (سعد حداد)، وبدت منظمة التحرير الفلسطينية أكثر ارتهانا للأنظمة العربية منذ أن أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1974 ما سمي ببرنامج النقاط العشر التي تم صياغتها من قبل قيادات "فتح"، والتي تدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، باعتبار أنّ ذلك يمثل برنامج الحد الأدنى الذي تستدعيه الواقعية، والشروط الموضوعية، والسياسات العربية والدولية.

 

اعتقد الغرب وأمريكا تحديدا بعد فجيعتهم بسقوط الشاه، أنّ الإمام الخميني وإن كان قد سفّه حساباتهم بقدرته على إسقاط نظام الشاه، فليس في مقدوره أن يكون رجل البناء، فمن شروط قيام الدولة في عالمنا أن تتأسس على جوهر حداثيّ وظنوا بالإمام أنه خارج عصره، وتوهموا أن الزمام سيعود لبعض الطيف الثوري ممن يمكن مساومته بما تكون به المصيبة أخف على أمريكا و(إسرائيل) لجهة تأمين الحد الأدنى من المصالح، كانت تلك أمانيهم كسراب بقيعة، فأخبار طهران ومنذ خطاب الإمام بعد عودته من المنفى بـ ( بهشت زهرا) لم تحمل لهم إلاّ الحقائق المرّة، حتى سلّموا بأنّ زلزالا قد حصل، وهكذا انتهى الفصل الأول بخروج كارتر مهزوما من البيت الأبيض بفعل تداعيات عملية احتلال وكر الجواسيس في طهران.

 

وها هو الزمن الثوري الذي افتتحه الإمام لا زال ممتدا فينا، وهاهو النظام الذي أرسى دعائمه جاء بناءا محكما لم تفت فيه لا حرب مفروضة ولا استنزاف داخلي ولا مؤامرات ولا حصار دولي ولا استثمار قذر للورقة المذهبية، وهاهو جيل الثوّار الذي رباه الإمام (.. كزرع اخرج شطاه فآزره فاستغلظ فاستوي علي سوقه..)، ها هي المسيرة الموصولة بقدسية الوحي تصنع لإيران أمجادا وتبوؤها مكانتها في التاريخ وفي طليعة الأمم.

 

نعم لا ضير من الإقرار بأنّ نخبا هنا وهناك في عالمنا الإسلامي وقعت ضحية الآلة الإعلامية المتعددة الأطراف، فلم تستوعب مشروع الثورة ولا هي انفتحت على تجربتها بموضوعية، ولم تتعامل مع أفكار الإمام ومواقفه ضمن رؤية جامعة لتكتشف أبعاد النظرية في مشروع نهضته.

 

كما أنّ البعض ممن انتسب إلى خطّه روحيا وفكريا لم يدرك الأبعاد الكبرى والإستراتجية في حركة الإمام، لم يدرك هذا البعض البعد الافتتاحي بالمعنى التاريخي لحركة الإمام الخميني(رض).. فضيّق الجوهر الإنساني والتحرّري والإسلامي الرحب إلى حدّ الاختزال المتعسف في البعد المذهبي.

 

الآن وفي ضوء هذا المناخ الثوري الذي لم يكن خارجا عن همّ الإمام ولا عن نداءاته للشعوب والمستضعفين كافة، وبالنظر إلى أن كل ثورة تحتاج إلى أساس عقائدي أو إيديولوجي، فإن ثمة حاجة موضوعية للانفتاح على فكر الإمام الخميني ليس كأطروحة نظرية فحسب، بل وفي سياقها الحيوي أيضا من خلال الإطلالة على المشروع الإسلامي في إيران عبر كل تجلياته، و باعتبار أنّ التجربة متواصلة نهجا وروحا تحت سهر وعناية الإمام الخامنئي.

 

لن يكون فعل الانفتاح على هذه الثورة الإسلامية الداعمة لكل قضايانا إلا أحد تعبيرات الحقيقة الثورية التي تغشانا الآن، ولن يكون تجاوز محظور الانفتاح والتفاعل إلاّ كسرا لواحد من الأغلال الفكرية والسياسية التي قيدتنا بها الأنظمة المنسحقة والتطهّر من تركتها فينا.

 

طبعا لا يجب أن ننسى الوظيفة التعبوية الناتجة عن هذا الانفتاح، وما أحوج الثورات العربية إلى شحناته كما مفاهيمه، خاصة ونحن نرى أوباما ينصّب نفسه أبا روحيا لهذه الثورات، ومتى كان الشيطان الأكبر لا يجيد لعبة التلبّس؟!

 

رحم الله الإمام الخميني وأسكنه فسيح جنانه.. ونُشهد الله أنه جاهد وناصر ونصح لأمته وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر حتى أتاهُ اليقين.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة