Skip to main content

معركة إحقاق الحق في البحرين بدأت بكل الوسائل القانونية والقضائية المتاحة

التاريخ: 01-06-2011

معركة إحقاق الحق في البحرين بدأت بكل الوسائل القانونية والقضائية المتاحة

إن المتتبع لأحوال الثورات العربية التي اندلعت خلال العام الجاري قد تستفزه "السلمية" التي يواجه بها ثوار البحرين جلادهم والتي ميّزت هذه الثورة عن غيرها من شقيقاتها من الثورات العربية، رغم أن هذا النظام لم يختلف أبدا عن بقية الأنظمة في استخدام العنف والقسوة لقمع من يثور ضدها

إن المتتبع لأحوال الثورات العربية التي اندلعت خلال العام الجاري قد تستفزه "السلمية" التي يواجه بها ثوار البحرين جلادهم والتي ميّزت هذه الثورة عن غيرها من شقيقاتها من الثورات العربية، رغم أن هذا النظام لم يختلف أبدا عن بقية الأنظمة في استخدام العنف والقسوة لقمع من يثور ضدها.

 

فلم يختلف الحال في البحرين في التعامل مع الثورة حيث اتبع ذلك النظام مع انطلاق شرارة الثورة أساليب عديدة للمناورة بهدف إجهاض تحركات المواطنين المحقة وبدأ يطرح مبادرات أشبه بمسرحيات للحوار، وأعلن رغبته ببدء مفاوضات ونقاش بين الحاكم ورعيته بينما الاعتقال والقتل وأحكام الإعدام هي السائدة.

 

النظام البحريني يتواصل مع مواطنيه بالنار والرصاص

 

سرعان ما بدأ النظام الحاكم وقواته الأمنية من المرتزقة والمجنسين وتلك المستدعاة من "الجيران" باستخدام لغة النار والسلاح كوسيلة للتواصل مع المواطنين لتزداد مع مرور أيام الثورة وتيرة جبروت النظام وصولا إلى وقت ساد فيه صوت الرصاص المخترق لأجساد البحرينيين الذين ما زالوا يتساقطون كورق أشجار الخريف في ربيع أيام العرب دون أن يلاقوا سندا أو حرزا يحميهم من سعير نار النظام و"جيرانه".

 

ولكن مهما قسى الزمن ومهما أفلتت الضمائر وتحجرت القلوب وبدا السواد الأعظم من الناس والحكام والأنظمة صمٌ بكمٌ عميٌ لا يفقهون، يبقى للحق طلاب وللمظلومين من ينصرهم.

 

ثورة البحرين استثنائية تحتاج إلى دعم من نوع خاص.

 

ولعل سلمية المواجهة في البحرين من قبل الثوار تتطلب دعما لهم من نوع استثنائي يتماشى مع ثورتهم الاستثنائية، فثورة البحرين لا تحتاج إلى طائرات الناتو لأن أهل البلد لم يأخذوا قرارهم بالمواجهة بعد، وثورة البحرين لا تحتاج إلى أموال الأمراء والملوك والشيوخ العرب لأن شباب البحرين ليس طموحهم الدراهم والنقود وهم لم يعلنوا العصيان لاسترداد ثرواتهم المنهوبة منذ عشرات السنين، وثورة البحرين لا تحتاج إلى سياسات البيت الأبيض والإدارة الأميركية ولا إلى خطابات اوباما أو نتانياهو لأن شعب البحرين هم من أشرف الناس وأكرمهم الذين لا يدنّسون قضاياهم بمؤامرات صهيونية أهدافها معروفة في تخريب الأمة وتفتيتها.

 

بل إن ثورة الشعب البحريني تحتاج حاضراً إلى دعم من نوع خاص: دعم إعلامي ودعم قانوني.

 

أما بالنسبة إلى الدعم الإعلامي، فرغم أن كثيرا من المنابر والقنوات الفضائية العربية غابت عن نقل مآسي شعب البحرين لانجرافها وراء هواها الطائفي والقبلي والعشائري والابتعاد عن الحق لتلهث خلف مصالحها ومصالح مموليها، بقيت المنابر الحرة في العالم تتمسك بدعم شعب البحرين المظلوم ونصرته.

 

أما الدعم القانوني فهو مفتوح لمن يريد الولوج إلى القضاء لمحاسبة كل المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت وترتكب في البحرين بالإضافة إلى التوجه للرأي العام لتوضيح حقيقة ما يجري في المملكة.

 

تقديم شكوى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد المسؤولين عن الجرائم

 

ومن هنا بدأ حقوقيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان وجمعيات إنسانية بالحراك القانوني والحقوقي لفضح جرائم النظام الذي لا يزال حاكما في البحرين وما ترتكبه أجهزته الأمنية والعسكرية بالتعاون والتضامن مع قوات خليجية وسعودية دخلت تساند النظام في قمع شعبه.

 

وانطلاقا من ذلك برزت الشكوى التي قُدِمتْ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من قبل المحامية (مي الخنسا) بصفتها رئيسة "منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب" وذلك بهدف مساءلة كل من يثبت تورطه في الانتهاكات الحاصلة في البحرين.

 

الخنسا: سنلجأ إلى كل محكمة مختصة على الكرة الأرضية لملاحقة المتورطين بجرائم البحرين

 

وحول ذلك تحدثت المحامية الخنسا إلى موقع قناة المنار الالكتروني، وأشارت إلى أن "اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يأتي ضمن إطار نشاط تقوم به المنظمة للجوء إلى كل محكمة مختصة بالنظر في الجرائم والانتهاكات الكبرى (جرائم حرب وجرائم إبادة والجرائم ضد الإنسانية) التي ارتكبت وترتكب في البحرين... كما سنلجأ إلى كل محكمة على الكرة الأرضية لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم. سبق أن لجأنا إلى المحكمة الجنائية الدولية والآن إلى هذه المحكمة وسنعمل إلى إيصالها إلى الأمم المتحدة إن أتيح لنا المجال".

 

وفيما أكدت الخنسا أن "الجرائم التي ارتكبت في البحرين ينطبق عليها الوصف القانوني لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة"، أشارت إلى أنه "بحسب اتفاقية جنيف لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم الإبادة فإن كل دولة موقعة على هذه الاتفاقية يمكن أن تقدم دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية."

 

جريمة حرب: هي الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف الموقعة عام 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لـ"قوانين الحرب"، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي.

 

جريمة الإبادة: هي الخروقات والانتهاكات التي تستهدف القتل الجماعي المنظم ضد جماعات على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي.

 

الجريمة ضد الإنسانية: تعني أي فعل من الأفعال الجرمية التي ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين كالقتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد أو النقل القسرى للسكان وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها.

 

قضاة المحكمة الأوروبية ذهلوا من هول مشاهد الجرائم التي تطلعوا عليها

 

وقالت الخنسا إنها التقت في زيارة قامت بها إلى مقر المحكمة برئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (بول كوستا) وأطلعته على الأدلة والوثائق التي قدمتها ضمن شكواها لإثبات الجرائم المرتكبة في البحرين، وذكرت أنها أطلعت عددا من قضاة المحكمة على "مشاهد وأساليب القتل والاستيلاء على الأعضاء بعد ممارسة التعذيب قبل القتل وتفجير الرؤوس واستخدام الكهرباء في التعذيب"، وأوضحت أن "مما تضمنته هذه الشكوى هناك مشاهد مصوّرة وصور فوتوغرافية لتعذيب البشر وإحراق نسخ من القرآن الكريم وهدم المساجد والحسينيات ونبش القبور."

 

وأكدت المحامية اللبنانية أن "إطلاع رئيس المحكمة والقضاة هناك على كل هذه الأدلة أظهر مدى التعجب والدهشة والمفاجأة التي أصيب بها هؤلاء من هول الأفعال التي ارتكبت في البحرين".

 

الخنسا: الدعوى قدمت ضد ملك البحرين وعدد من المسؤولين

 

وأشارت الخنسا إلى أن "الدعوى قدمت ضد ملك البحرين باعتباره رأس النظام هناك وعدد من المسؤولين في النظام والسلطات العسكرية والأمنية البحرينية"، وأضافت "نحن نأمل الحصول على جواب قانوني وقضائي يوصل الحقوق إلى أصحابها ويعاقب من تثبت إدانته ومن يثبت تورطه بالجرائم سواء كفاعل أو محرض أو متدخل أو شريك أو حتى ساعد بوقوع الجريمة بأي طريق من الطرق سواء أكان من المسؤولين البحرينيين أو غيرهم ممن لهم السلطة على القوات السعودية أو قوات درع الجزيرة التي تدخلت في البحرين".

 

ولفتت الخنسا إلى أنه "بعد تقديم هذه الشكوى انتقل ولي عهد البحرين إلى لندن لمحاولة إنكار هذه الشكوى وما تضمنته من أدلة واضحة وصريحة لا لبس فيها ولا تشكيك"، وأوضحت أنه "في الوقت الحالي تمتلك مستندات وأدلة جديدة كما لديها عشرات الاستمارات التي تمّ تدوينها من قبل من تمّ تعذيبهم كما يتم الآن جمع استمارات معينة من قبل أشخاص قتل أقرباؤهم أو عذّبوا أو لهم أقرباء تمّ اعتقالهم".

 

ولكن ماذا بعد التقدم بهذه الشكوى؟ أليس المطلوب زيادة التحرك والتصعيد قانونيا وقضائيا ضد المتورطين في جرائم البحرين خصوصا أن الوضع يزداد سوءا على البحرينيين هناك؟

 

الخنسا: العمل جار لتوسيع شبكة الشكاوى ضد المتورطين بجرائم البحرين

 

المحامية الخنسا أجابت بأن "المنظمة تتلقّى اتصالات كثيفة من جمعيات ومحامين ورجال قانون ومتطوعين يريدون الاشتراك في الادعاء ضد النظام البحريني وضد كل من يرتكب الجرائم بحق الشعب البحريني"، وأشارت إلى أن "المنظمة تعمل على توسيع شبكة الشكاوى ضد المتورطين في الجرائم في البحرين لتشمل كل الدول الأوروبية والعربية من خلال اللجوء إلى المحاكم الجزائية العادية وتحريك دعاوى الحق العام ضد من يثبت تورطه في أكبر عدد ممكن من الدول وبحسب القانون الجنائي الوطني لكل دولة".

 

إمكانية مساءلة المتورطين بجرائم جزائيا ومدنيا أمام المحاكم في أكبر عدد ممكن من الدول

 

وأفادت الخنسا أن "المنظمة تدرس إمكانية اللجوء إلى القضاء العدلي المدني وليس الجزائي فقط في أكبر عدد من الدول أيضا لتقديم دعاوى للحجز على أملاك كل مسؤول متورط بالجرائم (خاصة أن كلا من هؤلاء يعتبر ثريا ولديه أملاك وعقارات وأموال في البنوك في أكثر من دولة عربية أو أجنبية) بما قد يشكل ضمانة للتعويض على المتضررين ماديا ومعنويا من جرائم النظام البحريني وما يجري هناك".

 

"نحن مع شعب البحرين وسنستخدم كل الوسائل القانونية والقضائية المتاحة لتحصيل كل حقوقهم ورفع الظلم عنهم،" قالت الخنسا.

 

من كل ذلك يمكننا أن نعرف أن هناك معركة كبيرة عنوانها "إحقاق الحق" قد بدأت في أروقة القضاء وكواليس المحاكم لإنزال العقاب والاقتصاص من المجرمين الذين ضربوا بعرض الحائط كل القيم والمبادئ وعاثوا في أرض البحرين فسادا، لا لشيء سوى أن هناك أناس يطالبونهم بما لهم كحد أدنى من حقوق بصفتهم بشر ومواطنين.

 

فهل من يريد أن يحصل على حقه في هذا الزمن يجب أن يقتل ويذل بينما الحكام وأزلامهم ومرتزقتهم ينعمون بامتيازات وثروات جمعت على دماء وقوت الفقراء من البحرينيين. التاريخ والتجربة يقولان إن الظالم مهما علا شأنه يجب أن يعلم أن لا ضياع لحق يطالب به أصحابه، وإن جار الزمن وطال الانتظار فالفجر سيبزغ، والفرج سيأتي، والعدل سيسود.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة