Skip to main content

السيد نصرالله: قرار المقاومة حول صيغة حل في غزة بيدها

التاريخ: 08-01-2009

السيد نصرالله: قرار المقاومة حول صيغة حل في غزة بيدها

06/01/2009   أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه في الليلة العاشرة من ليالي عاشوراء في المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه حزب الله في مجمع سيد الشهداء عليه السلام في الضاحية الجنوبية لبيروت ان الادارة الاميركية تواصل تغطية استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة

06/01/2009

 

أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه في الليلة العاشرة من ليالي عاشوراء في المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه حزب الله في مجمع سيد الشهداء عليه السلام في الضاحية الجنوبية لبيروت ان الادارة الاميركية تواصل تغطية استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة. وقال ان اميركا ما زالت تعطي الغطاء الكامل والوقت لتؤمن لاسرائيل امكانية تحقيق بعض الاهداف المعلنة وغير المعلنة. واكد ان اسرائيل لا يمكن ان تقبل بحل الا من خلال الولايات المتحدة لانها اداة اميركية ورصاصة اميركية في هذه المنطقة، مشيرا الى ان الادارة الاميركية هي الجهة الوحيدة التي غطت العدوان واستخدمت الفيتو في مجلس الامن لمنع وقف النار. وقال: الموضوع الان عند بوش وعند الادارة الاميركية وليس عند اولمرت وليفني.

 

واكد السيد نصر الله ان قرار المقاومة الفلسطينية حول صيغة الحل بيدها وليس بيد اي جهة اقليمية او دولية. وقال ان قيادة المقاومة الفلسطينية هي التي تملك القرار وهي وحدها التي تقبل بصيغة حل او ترفض صيغة حل وهي وحدها التي تضع الشروط او تقبل الشروط او ترفضها ولا يملي عليها احد لا في سوريا او ايران او اي مكان رغما عن ارادتها، مضيفا ان هناك مقاومة تستند الى ارادة شعب ولا تستطيع ان تقبل بالشروط الاسرائيلية.

 

ولفت سماحته الى ان الفصائل عندما قررت عدم تمديد التهدئة كانت بين خيارين: إما تمديد التهدئة مع بقاء الحصار والموت جوعا ويأسا واما انهاء التهدئة من اجل الضغط على العدو للوصول الى مرحلة يتم فيها فك الحصار عن قطاع غزة ، مضيفا اليوم يحاول البعض ان يمس بهذا الخيار ليقول ان انهاء التهدئة كان قرارا سوريا او ايرانيا. هذا قرار ظالم وجاحد. وقال للاسف ياتي من يحمل حماس والمقاومة مسؤولية الحرب كما حملنا البعض مسؤولية الحرب وكما حملنا القرار 1701 مسوؤلية الحرب، واضاف في كل التاريخ لم يتم الرد على عملية اسر بحرب شعواء واليوم لا يتم الرد على اطلاق صواريخ بحرب وقصف وتدمير القطاع. وقال مشيرا الى حرب تموز اؤكد لم يكن من نُتهم باننا في محورهم على علم -لا القيادة السورية ولا الايرانية- بالاسر، نفذنا عملية الاسر ورد العدو بحرب شعواء كان مخططا لها منذ البداية.

 

 واعتبر سماحته ان من الاهداف الحقيقية لهذه العملية في القطاع مصادرة القرار الحقيقي لقيادة المقاومة في فلسطين في محاولة لسلبها هذه الارادة وهذا القرار. وقال اتركوا للقيادات الفلسطينية اتخاذ أي قرار تراه مناسبا لمصلحة شعبها.

 

واعتبر سماحته ان الثبات والواقع الميداني هو ما سيفرض المعالجة السياسية، وقال ان الجهود السياسية لا بد منها ولكن ما يبقى حاكما هو الميدان، مشيرا في هذا الاطار إلى اطلاق الصواريخ والى مدى ابعد وبالعدد نفسه والمواجهة البرية كما كان في حرب تموز. وقال بالامس أبدى المجاهدون اداء قتاليا رائعا يعبر عن ارادة جهادية واستشهادية عالية ومستوى عال من التكتيك وفن القتال، مؤكدا ان الاسرائيليين يخفون حقائق الميدان على الراي العام الاسرائيلي.

 

ولفت السيد نصرالله الى العجز الاوروبي والعربي بشأن غزة وقال اوروبا والمبادرة الاوروبية تناشد وقف النار لـ 48 ساعة وتحاول ان تقدم مبادرة سياسية فلا تجد اذانا صاغية. مضيفا هي لا تستطيع ان تحمي احدا. وقال ان العرب حتى الان واضح عندهم التردد والتلكؤ والضعف. نعم صدرت لدعوات لعقد قمة عربية بمن حضر وهذا اقل الواجب. فليجتمع من امكن من رؤساء وملوك وامراء ويتخذوا القرار المناسب.

 

 وراى السيد نصر الله ان المحور الذي وافق على الحرب غبي واحمق فالحرب جاءت حتى الان بنتائج عكسية كما حصل في لبنان. وقال ان الحرب على غزة اعادت الى الامة ان العدو هي اسرائيل التي تقتل النساء والاطفال وتدمر المستشفيات والمدارس ولا تحترم احدا في هذا العالم وحتى مجلس الامن، فقد قال اولمرت اذا اتخذ مجلس الامن قرارا بوقف الحرب الان فلن نلتزم.

 

السيد نصر الله دعا جماهير المقاومة الى جعل يوم العاشر من محرم والمسيرة فيه يوم النصرة والبيعة وقال: غدا يوم النصرة ويوم البيعة ويوم تجديد الموقف وتجديد الانتماء للمقاومة وتجديد العداء لاسرائيل وللشيطان الاكبر الذي يامر اسرائيل بقتل شعوبنا واحتلال ارضنا ومقدساتنا في هذه المنطقة.

 

نص كلمة السيد نصر الله:

 

في هذه الليلة المباركة، ليلة العاشر من المحرم، ليلة العزم والقرار والإرادة أود أن اتحدث في البداية عن الخلفية الحقيقية والثمرة العامة التي نأخذها من كل أحاديثنا في الليالي الماضية وأترك بعض الوقت للمتستجدات الأخيرة وبعض الملاحظات لأن خطاب الغد لا يمكن ان يتحمل بعض الأمور التي يجب الإضاءة عليها بسبب ظروف الوقت (...) .

 

لا بد أن هنا أنّ أقول يؤلمنا ويؤسفنا ويحزننا جدا، وأهلنا في غزة وفلسيطن في قلب المعركة مع العدو الصهيوني، في المعركة الواضحة الشرعية والواضحة الإنسانية والوطنية والأخلاقية، أن يأتي أشخاص كما حصل قبل أيام في مدينة الموصل العراقية خلال تظاهرة من رجال ونساء وأطفال نصرة لأهل غزة، وأغلب هؤلاء المتظاهرين هم ليسوا مثلا من الشيعة، هم من العرب السنة أو من الأكراد أو خليط من القوميات متنوعة، فيأتي رجل ويندس بين المتظاهرين ويفجر نفسه فيقتل العشرات ويجرح العشرات، ما هذه الجريمة؟ ما هذا الجحود والجفاء؟ هذا أمر خطير جداً، وحصل هذا أيضا في الكاظمية أيضاً، عندما اندست امرأة بين زوارد عراقيين وإيرانيين فقتلت العشرات وجرحت العشرات، لأي هدف هذا القتل؟ لأي غاية؟ ما هو الذي يتحقق ؟ إلى أين يصل هؤلاء الذين يضعون أرواحهم ودماءهم بين يدي قيادات لا هدف لها سوى أن تقتل شعبها وأهلها وأن تقتل الناس من حولها بقلوب مظلمة سوداء كالحة.

 

واقعا، يأسى الإنسان لهؤلاء الذين يفجرون أنفسهم هنا وهناك أنهم يقتلون ويفجرون أنفسهم في المكان الخطأ وسوف تكون الكارثة عليهم عندما يذهبون إلى ذلك العالم وهم يأملون أن يكونوا من الشهداء ومن أهل الجنة فيحاسبون ويعاقبون كقتلة للجرال والنساء والأطفال، هذا بعض من المسؤولية. إن الأعداد الكبيرة مما سمي بالإستشهاديين لو وجهوا منذ البداية لقتال المحتلين لتغيرت صورة المنطقة. هذه هي المسؤولية التي يجب أن تلقى على العاتق. اليوم الحمد الله، في حركات المقاومة هناك قيادات مسؤولة ومعروفة، وهنا لا أريد أن أتحدث عن لبنان بل عن فلسطين أيضا، والبعض يحاول دائما أن يمس بهذه القيادات وبإخلاصها وبصدقيتها وبولائها لدينها وشعبها ووطنها وهذا جزء من المعركة. الصهاينة يعملون ليل نهار على إبعاد الشعب الفلسطيني عن قيادات المقاومة لأنهم يريدون لهذا الشعب أن يستسلم لشروطهم وأن ييأس من إمكانية استعادة أرضه ومقدساته والحصول على حقوقه المشروعة.

 

ولكن للأسف الشديد هنالك في العالم من يدّعون أنهم حماة ومدافعون عن حقوق الإنسان، نجد أنهم في كل يوم يدينون حركات المقاومة وقيادات حركات المقاومة والمقاومين ويقدمون الحجج للمجرمين والقتلى الذين يملكون أقوى آلة قتل في هذه المنطقة، ويقولون أن إسرائيل تدافع عن نفسها. أمّ الأطفال والنساء والمهجرين من الأراضي الفلسطينية إلى مخيمات قطاع غزة، أمّا الناس المحاصرون هناك فهم يعتدون على إسرائيل بحسب كثير من دول الإتحاد الأوروبي وبحسب الإدارة الأمريكية، وأنا لا أتفاجأ  أن أجد موقفا أوروبيا وموقفا أوروبيا على مستوى الحكومات ملتزم بالمطلق بمصلحة وأمن إسرائيل .

 

لكن المؤسف جدا أن تعمل جهات عربية وفي مواقع مختلفة رسمية وسياسية ونخبوية وإعلامية على المس بخيار المقاومة وبقيادة المقاومة. هنا أود، من خلال هذا العنوان أي اتهامها بخلفيتها وبخيارها وبدقتها وحكمتها وتحملها للمسؤولية، وهذا حصل في حرب تموز وهو يتكرر اليوم على مدار الساعة في العالم العربي، أود أن أؤكد لكم وللجميع وانا اعرف الإخوة في قيادة حماس والجهاد وفي قيادة الفصائل التي تقاتل اليوم بالدم واللحم والقبضات في قطاع غزة، هؤلاء ليسوا مرتهنين لأحد، وأنا أعرفهم كما أعرف المقاومة في لبنان، وأؤكد لكم أن المقاومة في لبنان لم تكن مرتهنة لأحد وليست مرتهنة لأحد.

 

في 12 تموز عندما اختارت المقاومة في لبنان أن تنفذ عملية أسر لأنّها شخصت أن هذا هو الطريق الوحيد لاستعادة بقية الأسرى والشهداء، وأنا أؤكد لكم، وأنا لست بحاجة لا إلى بينة ولا إلى أن أقسم يمينا، لم يكن من نتهم بأننا في محورهم ونفتخر أننا في محورهم، لم يكونوا على علم أصلا، لم تكن لا القيادة السورية ولا القيادة الإيرانية على علم ولم يكن هناك أحد على علم، نحن تحملنا هذه المسؤولية وبخلفيتنا وبحرصنا وبمحبتنا، ونفذنا عملية أسر ورد العدو على عملية الأسر بحرب شعواء كان مخططا لها منذ البداية.

 

الإخوة في حماس والجهاد والفصائل، عندما قرروا عدم تمديد التهدئة اليوم يأتي بعض القيادات العربية ليحملوا حماس والجهاد وفصائل المقاومة في غزة مسؤولية الحرب كما حملونا نحن مسؤولية الحرب وكما حملنا القرار 1701 الظالم مسؤولية الحرب، هذا من أعظم الظلم الذي واجهناه ويواجهه اليوم إخواننا في غزة. في كل التاريخ لم يتم الرد على عملية أسر بحرب شعواء، والآن ما يجري في غزة لا يتم الرد على قصف بعض الصواريخ القسام أو القدس أو ما شاكل بمجازر مهولة بحق النساء والأطفال وتدمير القطاع، هذا ليس له أي منطق وأي مبرر حتى على مستوى ما يدّعونه من قانون دولي، هؤلاء عندما قرروا عدم تمديد التهدئة لأنهم كانوا بين خيارين:بين تمديد التهدئة مع بقاء الحصار الذي يعني الموت جوعا وعطشا ويأسا، وإمّا إنهاء التهدئة من أجل الضغط على هذا العدو للوصول إلى مرحلة يتم فيها فك الحصار عن قطاع غزة، ولم يكن هناك خيار أمام قيادة المقاومة في قطاع غزة سواء الموجودة في الداخل أو الخارج سوى هذا الخيار، البديل هو البقاء في حصار يتألم فيه الشعب الفلسطيني وينعم فيه العدو، وبالتالي كان هذا الخيار.

 

اليوم يحاول البعض المس بهذا الخيار ليقول إن إنهاء التهدئة كان قرارا سوريا أو إيرانيا، هذا اتهام ظالم وجاحد. أنا أعرف أنّ قيادات المقاومة عندما اتخذت هذا القرار هي التي اتخذته، قد تكون أطلعت عليه بعض أصدقائها أو تشاورت معهم ولكن هي التي تتخذ القرار ولا يستطيع أحد أن يفرض عليها ذلك. واليوم، وفي مسار المعركة كما حصل في حرب تموز، نحن كنا أصحاب القرار، لم تكن إيران لتملي علينا شيئا ولم تكن سوريا لتملي علينا شيئا، على الإطلاق، وهذه شهادة لله عز وجل. حلفاؤنا وأصدقاؤنا كانوا يتصلون بنا ليعرضوا المساعدة والتشاور حول المخارج لإنهاء ووقف العدوان، لكن طوال حرب تموز لم يفرض علينا أحد خيارا ولم يحرجنا أحد بشروط، كنا نتعرض لضغوط من مواقع واماكن أخرى ولست الآن بصدد فتح هذا الملف، والآن قيادة المقاومة في قطاع غزة هي التي تملك القرار وهي وحدها التي تقبل بصيغة حل أو ترفض صيغة حل، وهي وحدها التي تضع الشروط أو تقبلها أو ترفضها، ولا يملي عليها أحد لا في إيران ولا في سوريا ولا في أي مكان في العالم رغم إرادتها.

 

البعض يحاول القول ان استمرار الحرب ورفض حماس والجهاد وقيادات المقاومة الخضوع للشروط الإسرائيلية سببه المصالح الإقليمية لإيران وسوريا، هذا ظلم كبير أيضا، هناك المقاومة تستند إلى إرادة شعب ولا تستطيع أن تقبل بالشروط الإسرائيلية ولو كانت تستطيع أن تقبل بها لقبلت بها منذ اليوم الأول ومددت الهدنة في ظل الحصار وكانت في غنى عن كل الذي جرى وكل الذي حصل. وهنا أريد التعليق (على أقوال) بعض اللبنانيين، للاسف، حتى عندما جاء الأخ (أمين عام مجلس الامن القومي في إيران سعيد) جليلي إلى دمشق والتقى بالإخوة في قيادات المقاومة هناك، وجاء إلى لبنان والتقى مع الرؤوساء والتقى بي، الإخوة المسؤولين الإيرانيين يأتون إلى هنا لا ليعطوا قرارات، قاتلوا أو لا تقاتلوا توقفوا اضبطزا أعصابكم كما يحاول البعض أن يوحي، على الإطلاق.  يأتون ليستشيروا ويتشاوروا ويسألوا كيف يمكنهم تقديم المساعدة المطلوبة من خلال موقعهم ومسؤوليتهم وقدراتهم وإمكاناتهم.

 

أقول لكم بكل صدق وبصراحة، هذه المقاومة الموجودة على أرض لبنان، وهذه المقاومة الموجودة على أرض فلسطين ليست مرتهنة لأي دولة في هذا العالم وإنما تتصرف على ضوء مسؤوليتها الوطنية والشرعية والدينية والأخلاقية، وهي ليست قيادات ولا حركات مقاومة مرتزقة، لأنها هي التي تدفع الثمن من دماء عائلاتها ونسائها وبناتها وأبنائها وأحبتها وهي التي تتحمل الجراح والضغوط، هذا الامر يجب أن يكون واضحا.

 

واليوم، في ظل الحديث عن حلول سياسية ومسودات قرار في مجلس الأمن، الذي وحده له الحق في أن يقبل أو يرفض هم المقاومون قيادة ومجاهدين ومن يحتضنهم ومن يدافع عنهم في داخل غزة، من هم يتحملون الالقتل والمواجهة وعبء المقاومة هم وحدهم الذين يحق لهم أن يقرروا بعيدا عن أي ضغوط أو أي تنظيرات من وراء الشاشات، لا أحد يعلي السقف ولا أحد يخفضه. من موقع تجربتنا في حرب تموز، أوجه نصيحة للجميع : اتركوا قيادة المقاومة في فلسطين التي تعرفون حكمتها وشجاعتها وصدقها وإخلاصها وأثبتت ذلك على مدى كل السنين الماضية، اتركوا لها أن ترتاح في اتخاذ أي قرار تراه مناسبا يحقق مصلحة شعبها، وهي تعلن بوضوح أن هدفها الحقيقي هو وقف العدوان مع فك الحصار، فلتعمل هذه القيادة لتحقيق هذا الهدف وليساعدها الجميع في تحقيق هذا الهدف.

 

ما قلته الآن البعض قد لا يتصوره لأنّ هناك أنظمة في العالم لا تتفهم حركات استقلالية، هي تتعاطى مع مرتزقة ومع عملاء ومع أدوات، هناك أنظمة عربية لا تعرف أن تتعامل مع حركات إستقلالية حقيقة أو حركات مستقلة في قرارها وقيادتها وإدارتها وإرادتها، بل هي تحاول أن تصادر، ومن الأهداف الحقيقية لهذه العملية هو مصادرة القرار الحقيقي لقيادة المقاومة في فلسطين في محاولة لسلبها هذه الإرادة وهذا القرار. ومن جانب آخر، لو نظرنا إلى الوقائع السياسية التي يجب أن نأخذ منها العبر، أنّ، أوروبا والمبادرة الأوروبية ليس لها قيمة، فهي تناشد، رغم تأييدها لإسرائيل وتبريرها لما تقوم به إسرائيل وتغطيتها للقاتل وإدانتها للضحية، ثمّ تأتي وتطلب من إسرائيل وقف (إطلاق) نار لمدة 48 فلا تجد آذانا صاغية، تحاول أن تقدم مبادرة سياسية فلا تجد آذانا، للذي يفكر يوما من الأيام أنّ أوروبا تحمي أحدا، هذه (الأوروبا) لا تحمي أحدا، هي تدين الضحية وتدعم الجلاد ثم لا يصغي إليها الجلاد ولا يعترف بها.

 

العرب حتى الآن واضحون في التردد والتلكؤ والضعف، وصدرت اليوم وبالأمس دعوات لعقد قمة عربية بمن حضر وهذا أقل الواجب، إن لم يكن عقد قمة عربية جامعة فليجتمع من أمكن من رؤوساء وملوك وأمراء وليتخذوا الموقف المناسب. اليوم إسرائيل لا يمكن أن تقبل بمبادرة أو حل إلاّ من خلال الولايات المتحدة الأمريكية، لأنّ إسرائيل اساسا هي أداة أمريكية ولأنّها رصاصة أمريكية في قلب هذه المنطقة، وإسرائيل لا تستطيع أنّ تقبل بمبادرة أوروبية أو عربية أو روسية أو آسيوية أو تركية، الجهة الوحيدة التي يجب أن توافق لتوافق إسرائيل هي الولايات المتحدة الأميركية التي غطت الحرب بالكامل كما فعلت في تموز (2006) والتي تعطل أي قرار في مجلس الأمن من خلال الفيتو، وأنتم تعرفون أن هذا مجلس الامن أعجز من أن يتخذ قرارا لمصلحة الشعب الفلسطيني والمدنيين والأطفال والنساء في فلسطين، وبالتالي الموضوع اليوم هو عند (جورج) بوش والإدارة الأمريكية، ليس عند (ايهود) أولمرت لكي يتعذبوا ويتحدثوا معه، ولا عند (تسيبي) ليفني ولا عند (ايهود) باراك، هؤلاء لاعبون صغار في الدائرة المسموح لهم أن يلعبوا فيها، أمّا قرار المعركة واستمرار المعركة وتمديد زمان المعركة هو قرار أمريكي تنفذه إسرائيل.

 

الآن إذا أرادت أميركا أن تقف هذه المعركة ستقف، أي إطار حل أي قرار في مجلس الأمن تقبل به أمريكا ستقبل به إسرائيل، ومن يتوهم أن هناك فاصل أو هامش أو حاجز، فهذا من أوهام بعض النخب، والأمر ليس كذلك. وبالتالي أمريكا ما زالت تعطي الغطاء الكامل للحرب وما زالت تعطي الوقت لتؤمن لإسرائيل لأداتها في المنطقة ما يمكنها من تحقيق بعض الأهداف المعلنة أو بعض الأهداف غير المعلنة. وبالتالي الجهود السياسية لا بد منها ولكن الذي يبقى حاكما، كما كنّا نقول دائما، هو الميدان. في الميدان، كما في حرب تموز، المئات من النساء والأطفال يقتلون، ولكن الميدان الذي ما زالت تنطلق منه الصواريخ وإلى أبعد مما كانت تنطلق وبنفس الأعداد، والأهم هو المواجهة البرية، الإسرائيليون ليس فقط أخفوا أهداف الحرب والعدوان منذ الأيام، بل من جملة ما استفادوه من حرب تموز أنهم منعوا وسائل الإعلام وأغلقوا باب المعلومات عنها وسحبوا أجهزة الهواتف من الضباط والجنود، ولذلك حتى عندما تقرأ الإعلام الإسرائيلي هناك معلومات قليلة ونادرة عمّا يجري في الميدان نسبة للمعلومات التي كانت تتوفر وتنتشر أثناء حرب تموز.

 

الإسرائيليون يخفون حقائق ما يجري عن الرأي العام الإسرائيلي لأنهم يعرفون مدى قدرة هذا الرأي العام الإسرائيلي على التحمل، بالأمس أدى المجاهدون في قطاع غزة وفي أكثر من منطقة مواجهة أداء قتاليا رائعاً يعبر عن إرادة جهادية واستشهادية عالية ومستوى عالٍ من التكتيك وفن القتال، وكانت خسائر في صفوف العدو، لقد اعترفوا  الآن، قائد لواء غولاني يجرح ولا أعرف مستوى جراحه، قائد كتيبة في لواء غولاني وليس ضابط عادي يقتل، يقتل العديد من الجنود الإسرائيليين ويجرح العشرات وهم بدؤوا يطلعون الرأي العام تدريجيا على هذه الحقائق، وبدؤوا يتحدثون عن الصعوبات الميدانية، فهم مجبرون عن التحدث عن الصعوبات الميدانية، لأنّه بعد عدة أيام من العملية البرية أين هو الإنجاز العسكري الذي كانوا يعدوننا به؟ لذلك اضطروا الآن أن يتحدثوا عن صعوبات ميدانية وأن يتحدثوا عن شبكات الأنفاق وعن العبوات التي تنتظرهم في كل مكان وعن الإستشهاديين الفلسطينيين الذين يتقدم الواحد منهم إلى المجموعة الإسرائيلية ويفجر نفسه بوسطها، وهذا طبعا مستوى من الإلتحام أقوى وأشد مما حصل في حرب تموز لأنّه لم يتوفر هذا المستوى من القرب في أماكن كثيرة في حرب تموز.بدؤوا بالإعتراف أنّ إرادة المقاومة لم تمس حتى الآن وهنا الرهان والأسطورة، هذا الواقع الميداني هو في نهاية المطاف سيفرض المعالجة السياسية.

 

من الطبيعي أن تلبي قيادة حماس دعوة المسؤولين المصريين لحوار والمداولات لأنّه دائما كان المطلوب من مصر أن تساعد، وعندما يتخذ الواحد منّا موقفا وما زال يتخذ موقفا من أي حكومة عربية أو حاكم عربي أو دولة عربية عندما تتخلى عن مسؤوليتها، وهذا أمر طبيعي أن يكون هناك أي جهد وأي مسعى لمقاربة حل مشرّف يوقف العدوان وينهي العدوان على قطاع غزة. هذا العدو وسادته وكل هذا المحور الذي وافق على الحرب على غزة هو محور غبي وأحمق، لأن هذه الحرب كما في حرب تموز جاءت حتى الآن بنتائج عكسية. خلال السنوات القليلة الماضية والأشهر القليلة الماضية كان هناك جهد أمريكي وإسرائيلي وبعضه عربي لمحاولة أخذ العالم العربي والإسلامي للقول أنّ عدوكم ليست إسرائيل وإنما إيران، ألم يكن هناك جهود جبارة سياسية وإعلامية وتعبوية في هذا الإتجاه؟ من يريد مواصلة هذا الإتجاه لا يشن حربا على غزة، أحمق من يشن حربا على غزة،  لأن هذه الحرب أعادت إلى الأمة كلها أن العدو هو إسرائيل التي تقتل النساء والأطفال وتدمر المساجد والمستشفيات والمدارس ولا تحترم أحد في هذا العالم، ولا حتى مجلس الأمن، منذ قليل قال أولمرت بكل وضوح أنه إذا اتخذ مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق النار فنحن لن نلتزم...

 

خلال السنوات القليلة الماضية عمل الأمريكيون والإسرائيليون وبعض العرب لأخذ الصراع في المنطقة إلى صراع مذهبي طائفي وبالخصوص بين الشيعة والسنة، وأيضا من يريد أن يصل إلى هذا الهدف لا يشن حربا على غزة، لأنّ غزة جزء من فلسطين التي تعني العرب جميعا والمسلمين جميعا، لأنّ الذين يقتلون في فلسطين هم إخواننا جميعا، هذه الحرب أعادت الكثير من اللحمة وأسقطت الكثير من المشاعر الخاطئة التي عُمِلَ لها لسنوات وبذلت من أجلها جهود جبارة لإيقاع الناس في الفتنة. أيضا خلال السنوات الماضية كان هناك جهودا كبيرة للتطبيع مع إسرائيل، بل بدأنا نجد بعض الحكومات العربية والدول العربية التي ليس لها معاهدة صلح مع إسرائيل تسعى إلى التطبيع بأشكال مختلفة، وبدأت ليفني تعلن بوضوح أن التطبيع هو مقدمة للسلام بمصطلحهم، وليس نتيجة للسلام، التطبيع الذي كان دائما يقدمه العرب كثمن للتسوية مع إسرائيل، إسرائيل تريده مسبقاً قبل أي تسوية، كل مساعي التطبيع وعقد المؤتمرات واللقاءات والزيارات بعناوين وشعارات مختلفة، من يريد التطبيع مع إسرائيل، أو إسرائيل التي تطلب من الشعوب العربية والمجتمعات العربية أن تطبع معها لا تشن هذه الحرب، لذلك هذه حرب حمقاء، والحمد الله الذي جعل أعداءنا من الحمقى ومن الأغبياء الذين لا يعرفون سوى سفك دماء الأبرياء، لكن عندما يمكرون ويخططون لتنفيذ مشاريعهم وإسقاط القضايا المحقة في منطقتنا هم يفشلون هذه الأهداف بأيديهم وبحماقتهم وبغطرستهم وبغبائهم.

 

(...) أود في هذه الليلة أن استحضر معكم ليلة العاشر والموقف الحاسم عندما أذن الحسين لمن معه أن يتركوه ويغادروه وسط الظلام، فأبوا ذلك. الليلة ليلة تجديد البيعة مع الحسين عليه السلام ويوم غد يوم العاشر هو يوم تجديد البيعة مع الحسين عليه السلام. البيعة مع الحسين يعني هي البيعة مع الحق ومع الجهاد ومع المقاومة ومع رفض الذل ومع نصرة المظلوم ومع الدفاع عن الحقوق ومع استعادة المقدسات ومع رفض الخضوع والإستسلام. البيعة مع الحسين هي بيعة مع رضا الله، مع الصبر والرضا والتسليم لقضاء الله، هي بيعة مع التحمل مع الجود ومع التضحية ومع العطاء، عطاء الدم والنفس الروح والأحبة، وأنتم أهل هذه البيعة، على مدى كل السنين الماضية كنتم أهل هذه البيعة وأثبتم من خلال كل البلاءات والصعوبات والإمتحانات في لبنان أنكم أهل هذه البيعة وستثبتون أيضا يوم غدٍ إن شاء الله (ذلك)، يوم غدٍ نخرج جميعا لنجدد بيعتنا للحسين عليه السلام، لنداء المظلوم المحاصر الذي يدافع عن حقه، نجدد بيعتنا وصرختنا ونداءنا والذي يتجسد اليوم في نداء إخواننا المظلومين في قطاع غزة وفي كل مكان في هذا العالم فيه مضطهد ومظلوم ومجاهد يدافع عن حقه، غداً سنسمع العالم صوتنا ونري العالم قبضاتنا، غدأ نخرج من الحزن إلى العزم ومن السواد إلى صنع المستقبل ونصرخ كلنا بملء حناجرنا ، بإلتزامنا، من موقع دماء شهداء وعرق مجاهدينا وجراحات جرحانا وآلام أسرانا واستعدادنا الدائم للمقاومة والدفاع عن وطننا وأمتنا وسيادتنا : لبيك يا حسين.

 

غداً، أيّا يكن طقس الغد ممطرا أو مشمسا، أنتم أقوى من البرد وأقوى من الحر، أنتم أهل الجود وأهل العطاء وأهل الثبات، غداً يوم النصرة وغدا يوم البيعة وغدا يوم تجديد الموقف ويوم تجديد الإنتماء للمقاومة ويوم تجديد العداء لإسرائيل ويوم تجديد العداء للشيطان الأكبر الذي يأمر إسرائيل ويستخدمها لقتل أهلنا وشعوبنا واحتلال مقدساتنا في هذه المنطقة (...).

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة