Skip to main content

الإمام الخميني (قده) الشخصية والمنهج

التاريخ: 20-05-2009

الإمام الخميني (قده) الشخصية والمنهج

 الإمام الخميني (قده) الشخصية والمنهج ان الحديث عن شخصية الإمام الخميني (قدس) ونهجه هو حديث عن الإسلام الرسالي والتدين الواقعي والشخصية النموذجية التي انعكست فيها كل المقومات العلمية والعملية للإنسان الذي يصدق عليه أنه الإيمان الناطق

 الإمام الخميني (قده) الشخصية والمنهج

ان الحديث عن شخصية الإمام الخميني (قدس) ونهجه هو حديث عن الإسلام الرسالي والتدين الواقعي والشخصية النموذجية التي انعكست فيها كل المقومات العلمية والعملية للإنسان الذي يصدق عليه أنه الإيمان الناطق.

وعلى هذا تجلت في شخصيته كل صفات الإنسان المثالي الذي بدأ حياته بالعلم والتقوى والإيمان والعمل الجاد والدؤوب، فلم يخف في الله لومة لائم، ولم تمنعه كل الحواجز المادية والدنيوية عن أن يجسد الحقائق الأصيلة في الجمهورية الإسلامية بفضل ما اتسمت به هذه الشخصية الفذة، فانعكست هذه الصفات والخصائص على نهجه وخطه، فكان خطا مميزا عن كل التوجهات والاتجاهات التي حكمت عالمنا.

تكتسب دراسة شخصية الإمام الخميني (قدس) والإطلالة على مواصفاتها أهمية خاصة، لكونها تشكل الملاك والمعيار الواقعي للإنسان المستقيم وللشخصية الصالحة. وهنا يمكن الإشارة باختصار إلى أهم ما تميزت به شخصيته:

أولا: كان الإمام يمتلك فهما دقيقا عن الإسلام الأصيل، فأدرك منذ البداية ان الإسلام بتعاليمه وقوانينه وتشريعاته قادر على إدارة شؤون المجتمع وتنظيم حياة الأفراد في ظل دولة الإسلام.

لذلك نراه قد فتح أبوابا جديدة في أبحاثه الفقهية مهدت الطريق لجلاء الصورة الحقيقية عن بعض أهم الأهداف والغايات المتوخاة من الشرع، فكان تأسيسه العلمي والعملي لمبدأ "ولاية الفقيه"، وعمل على رفع مستوى فهم الدور السياسي للإسلام. كذلك تحرك (قدس) في اتجاه العبادات الأخرى، فأعطاها أبعادها الحقيقية والواقعية، كما حصل في عبادة الحج، حيث أعطاها الروح الحقيقية التي ترفع الإنسان الى مستوى القرب من الله، وهيأ الظروف لتكون القيادة الدينية بما تحمله من قيم دينية أصيلة هي الأساس والنموذج الذي يجب أن يحتذى به، وبالتالي أعطى للإنسان القدرة الحقيقية في الحضور الواقعي في ساحة العمل الاجتماعي والسياسي.

ثانيا: كان الإمام يتمتع بشجاعة وصلابة وقوة إرادة قل نظيرها، وهذا ما تجلى من خلال مسيرة جهاده قبل الثورة ضد أجهزة الشاه. فكم مرة تعرض للحصار والتضييق والسجن والنفي وما شابه ذلك، إلا أن كل هذه الأعمال لم تهدم عزيمته ولم تثنه عن مواصلة طريق جهاده، وحتى بعد انتصار الثورة وتشكيل الحكومة الإسلامية، نرى الإمام (رض) يواجه العقبات بكل صلابة وإرادة، يأمر باحتلال وكر التجسس الأميركي في السفارة الأميركية رغم ان الثورة كانت لا تزال حديثة الولادة، حيث أن أدنى مغامرة قد تودي بها، لكنه تابع الطريق وواجه أعتى قوة في هذا العالم.

ثالثا: كان الإمام (قده) يمتلك إيمانا مطلقا بالله تعالى معتمدا عليه في كل مجالات الحياة. هذه الخاصية جعلت منه شخصية ذات سكينة وثبات في مواجهة التحديات، وصقلت نفسه بصفات الزهد والإخلاص، فكان يترفع عن كل شوائب الدنيا وعناوينها، برغم الظروف التي هيئت له، فلم يستهوه الحكم والسلطة والمناصب الدنيوية، ما جعله يترك أثرا كبيرا على نفوس أجيال مجتمعاتنا وحرك فيها البعد المعنوي، فغدا الوعي الديني أحد أهم خصائص عصر الإمام، بعدما أرخت جاهلية هذا القرن بكامل ثقلها المادي الهدام على مجتمعاتنا.

كان الإمام يمتلك إيمانا كبيرا بقدرة الشعوب الإسلامية على تجسيد الإسلام الحقيقي، هذا إذا ما التزمت بنهج الله تعالى وعملت طبقا لما تقتضيه رسالة السماء. فلو عدنا إلى كلمات الإمام (رض) لوجدناه يعلق آمالا كبيرة على الشعوب الإسلامية، لكونها القوة الحقيقية التي يمكنها أن تبدأ بالتغيير والتوجه نحو الأفضل، نحو إقامة دين الله وحكمه.

هذه الخصائص والصفات هي أهم ما يمكن مطالعته في شخصية الإمام، حيث كان لها التأثير الكبير في جلاء صورة نهج الإمام وخطه. أما أهم ما تميز به هذا النهج فهو الارتباط الوثيق والواعي بالله تعالى، والاتكال عليه في جميع الظروف. وهذا الارتباط ليس حالة أخلاقية أو مزاجية، إنما هو إيمان عميق واعتقاد راسخ نابع من صميم الوجود. لهذا نرى الملتزمين بهذا الخط يتجاوزون كل الخصوصيات والمكتسبات الشخصية من أجل إرساء قواعد الدين.

أما السمة الثانية لهذا النهج فهي الاستقلالية وعدم الالتجاء إلى الشرق أو الغرب، فكان هذا الشعار هو العنصر الأصيل في خط الإمام (رض)، وكان له عمقه وأصالته ووزنه السياسي في عالم كانت القوتان العظميان تتنافسان فيه.. فما من ثورة إلا وارتمت في واحدة منهما، إلا أن خط الإمام كان يقف بعيدا عن هذه الخطوط التي لا يمكنها أن توصل الثورة إلى أهدافها وغاياتها.

ومن خصائص خط الإمام أيضا الواقعية والشمولية، حيث مهدت هذه الخاصية الطريق لطرح الإسلام باعتباره حضارة راقية عملت على إشاعة الوعي والتقدم والصحوة في المجتمع الإسلامي. لقد اهتم الإمام بقضايا العالم الإسلامي وعالجها بواقعية، وكشف عن الخطوط المقابلة لهذا التوجه، فترك تأثيرا كبيرا على الشعوب الإسلامية، فأضحت الثورة محط آمال المستضعفين.

ومما ميز هذا الخط أيضا الثوروية والاستمرارية، فأكثر الثورات خمدت بعد ان استقر أصحابها في مناصبهم، لكن الثورة الإسلامية كان لها شأن آخر تجلى في العمل المستمر على ترسيخ قواعد الدين والثورة، ورفض كل ما من شأنه القضاء على القيم الإسلامية. فلم تستخدم الثورة كأداة للوصول إلى الحكم، بل كانت مقدمة لبداية عصر جديد تحكمه قيم الإسلام والثورة.

الإمام الخميني حالة فريدة في المرجعيات الشيعية والقيادات الإسلامية، فلم يشهد تاريخنا الإسلامي المعاصر شخصية مثله، إمتلكت الشجاعة والإصرار على المواصلة والتحدي رغم كل التحديات والظروف، من أجل تحقيق هدف الإسلام في إقامة حكم الله في الأرض.

إن انتصار الإمام الخميني خلق مرحلة جديدة من الوعي الإسلامي، فقد صنع قدس سره تياراً ثورياً واعياً يواجه القوى الاستكبارية ويجاهد من اجل إقامة حكم الله في الأرض، وهو حلم كاد أن يموت في النفوس بعد الاحباطات المتكررة التي تعرضت لها الأمة الإسلامية.

قبل الإمام الخميني لم يكن مراجع الدين يفكرون بإقامة دولة إسلامية عن طريق الثورة، وكانوا يعارضون أي نشاط في هذا الاتجاه.

وقد تعرض الإمام نفسه إلى نقد شديد ومضايقات عدة ومحاولات تشويهية من قبل الكلاسيكيين من العلماء والمراجع، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، فإذا الخميني قوة جبارة تقهر وتكتسح، وإذا بمدرسته خط متنام يزداد قوة واتساعا.

لقد تعرفت الأمة على مرجعها الإمام الخميني عن قرب، فليس هناك أي حاجز بينه وبينها، كان معها وهو في إيران، ومعها وهو المنفى، لم تبعده المسافات الجغرافية عنها لأنها في قلبه ولأنه في قلبها.

هذه العلاقة الرائعة بين المرجع وجماهيره، جعلته لا يجد أي مشكلة في طريقه الطويل مهما كانت الصعاب والتحديات، كما جعلت جماهيره لا تجد أي صعوبة في السير وراءه لأنها أدركت جيداً أنه يسير بها إلى حيث يريد الإسلام.

نستعيد حضور الإمام الخميني وتراثه الفقهي والفكري في ضوء تجربته الغنية في مقارعة الاستكبار والمستكبرين، لنقرر أن مؤثرات مدرسته السياسية لا تزال مزدهرة في ركائز الانتفاضة في فلسطين، ومقومات المقاومة الإسلامية في لبنان، وبمراجعة نهج الإمام الراحل في بلورة مفهوم المقاومة قرآنياً نجده رضوان الله عليه ينطلق من غرساتها الأولى داخل مقاومة النفس ومغالبتها وتطويعها بالجهاد الأكبر، لتطمئن إلى فردوس الطمأنينة وسلام المؤمن مع ذاته.‏

إن انتصار الثورة الإسلامية على الأرض الإيرانية كان انتصاراً نسبياً على غطرسة الاستكبار ومكائده، وكان بإمكان هذا الانتصار أن يتقدم أكثر نحو مشروع نهضوي إسلامي على مستوى الأمة كلها لولا بعض الأخطاء التي اقترفناها، وفي طليعتها تبادل الاتهامات المجانية والتنابذ بالتخوين والتخوين المضاد، ولا داعي في وصف مشهدنا الإسلامي المتعارض المتناقض المتآكل المتحارب المنتحر، قاتلاً وقتيلاً.‏

من جهة أخرى، لازالت الشخصيات العلمية والسياسية والثقافية الروسية تولي اهتماماً خاصاً برسالة الإمام الخميني (رض) إلى زعماء الاتحاد السوفيتي السابق وتصفها بالخالدة والسرمدية.

ففي هذا الإطار وصف وزير دفاع الاتحاد السوفيتي السابق الجنرال ديميتري يازوف رسالة الإمام الخميني (رض) إلى غورباتشوف بأنها وثيقة ورسالة نابعة من الشفقة تزخر بالنصائح والحكم والتاريخية، حذر فيها قادة الاتحاد السوفيتي من المخاطر التي تحيط بهم وذلك من منطلق دركه العميق والواعي للواقع السوفيتي.

وأضاف يازوف: أن الإمام الخميني (رض) ومن منطلق دركه العميق للسياسات الامبريالية أراد للحيلولة دون سوق العالم نحو الأحادية ولذلك دعا قادة الاتحاد السوفيتي عدم الوقوع في شرك الرأسمالية الغربية وأن مواصلة الإصلاحات بالاتكال على الشعب والعودة إلى الرب.

من جهته قال رئيس مجلس الإفتاء الروسي راويل عين الدين في لقائه الأخير مع الهيئة البرلمانية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في موسكو قال: أن ميخائيل غورباتشوف أعترف بعظمة هذه الرسالة وعظمة شخصية الإمام الخميني (رض) وأعلن أن الرسالة تحظى بمفاهيم عميقة وفلسفية وأنها هزت مشاعري لكن للأسف في ذلك الحين لم نتمكن من تلبية هذا النداء. وأكد عين الدين خلود رسالة الإمام الخميني (رض) قائلاً: بعد فترة وجيزة شاهدنا انهيار الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى عدة بلدان مستقلة وتوجهت شعوب هذه البلدان إلى الدين وان رؤساء هذه الدول قاموا بإنشاء المساجد والكنائس والاهتمام بالمعنوية وعبادة الرب.

وقد تحدث الكثير من المفكرين والكتاب والفلاسفة في فكر الإمام الخميني حيث قال فيه الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في إيران: «نهج الإمام الخميني هو نهج الأنبياء الذي قام على أساس الصبر والمقاومة والاستعانة بالله سبحانه وتعالى للتغلب على المصاعب والضغوط».

وقال محمد حسنين هيكل الصحافي المصري المعروف: «الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي، لتستقر في قلب القرن العشرين».

وقال سليمان كتاني الكاتب اللبناني المعروف: «قطب عظيم، لـم ينبض مشرقنا الأوسطي بمثيل له منذ عهد طويل».

وفي الختام نقف بكل خضوع أمام شخصية الإمام الخميني (رض) العظيمة، لنلاحظ فيه شخصية أقل ما يقال فيها أنها أعادت للإسلام والدين والإنسان قيمته واعتباره، فأضحى النموذج والمقتدى.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة