Skip to main content

الحركات الإسلامية والإمام الخميني اشتراك أم افتراق

التاريخ: 25-01-2009

الحركات الإسلامية والإمام الخميني اشتراك أم افتراق

الحركات الإسلامية والإمام الخميني اشتراك أم افتراق لا شك في أن الحديث عن التغيير في المجتمعات الإنسانية لا يختص بالمسلمين فحسب بل إن هذا الأمر من أفكار مختلف المصلحين في كل زمان ومكان على مدى العصور التاريخية، ولكن مما لا شك فيه أيضاً أن هناك اختلاف في الأسس والمنطلقات الفكرية والعقائدية التي يحملها هذا المصطلح أو ذاك المغير وعلى فرض اتفاقهم على المبدأ أو الفكرة المراد إيصالها، لا يعني ذلك إلا ثقافة على إختيار الأساليب وطرق الوصول إلى مرحلة التبني الكامل للفكرة في هذا المجتمع أو ذاك

الحركات الإسلامية والإمام الخميني اشتراك أم افتراق

لا شك في أن الحديث عن التغيير في المجتمعات الإنسانية لا يختص بالمسلمين فحسب بل إن هذا الأمر من أفكار مختلف المصلحين في كل زمان ومكان على مدى العصور التاريخية، ولكن مما لا شك فيه أيضاً أن هناك اختلاف في الأسس والمنطلقات الفكرية والعقائدية التي يحملها هذا المصطلح أو ذاك المغير وعلى فرض اتفاقهم على المبدأ أو الفكرة المراد إيصالها، لا يعني ذلك إلا ثقافة على إختيار الأساليب وطرق الوصول إلى مرحلة التبني الكامل للفكرة في هذا المجتمع أو ذاك.

والأهم في هذا المجال القدرة العالية والفعالية في التأثير وإيصال هذه المبادئ والأفكار بأقل عناء وجهد وعقبات ممكنة. ولذلك نجد أن الكثيرين من المصلحين ودعاة التغيير في المجتمع الإنساني أخفقوا في الوصول إلى إصلاح أو تغيير مجتمعاتهم بالأفكار التي تبنوها وحملوها.

وإذا حملنا عقولنا على التدقيق والتفكير بتمعن في محاولات التغيير والإصلاح في الكثير من المجتمعات فإننا نجد أن نجاح بعض هذه الحركات متوقف على قرب خطاباتها من آلام الناس وهمومهم وآمالهم، ونجدها أنها الأكثر قدرة على استقطاب الكثيرين من حولها، لأنها كانت تحاول أن تعيش معهم لتخرجهم مما هم فيه من الإضطهاد والتسلط بسبب ما كانوا يعيشونه من الحرمان، لأننا إذا لاحظنا المجتمعات التي يكون فيها طبقة من الناس تعيش هم الحرمان والألم نرى بالمقابل أن هناك طبقة متجبرة متسلطة تعيش حالة الهيمنة والإستعلاء على هؤلاء الناس المعدمين والمقهورين والمحرومين.

ولو أردنا تضييق الدائرة أكثر من ذلك. والدخول إلى مجتمعاتنا في الأمة الإسلامية غير أننا أمام صورة كبيرة لامعة تستدعي الانتباه وهذه في الظاهر ولكن واقع هذه المجتمعات يعيش حالة من الضياع والإنقسام والتبعية والإنحطاط وهيمنة الدول المستكبرة التي وضعت يدها على مقدّرات هذه المجتمعات وموارد عيشها ومصادر كسبها، ولذلك لابد لأي حركة تغييرية تحاول نشل هذا المجتمع مما هو فيه، أن يكون لها مكانها ووجودها بين الناس، وأيضاً لابد أن تتوفر في هذا الحركة الإصلاحية عوامل النهوض بهذا المجتمع مما هو فيه، والإستمرار في حركة التغيير التي لابدّ أن تعيش همّ هذا المجتمع على كافة المستويات والأصعدة حتى تنقذه من واقعه المدمّر والمنحط والغريب عن فكره ومعتقداته وحضارته التي يتغنى بها على مدى ألف وأربعمائة عام تقريباً.

ولذلك نجد أن حركات التغيير التي حدثت في أكثر من موقع في البلدان الإسلامية، بالرغم من وحدة أهدافها نجد أن أساليبها وطرقها قد اختلفت من مجتمع إلى آخر، ولذلك نجد أن هناك حركات وتيارات اختلفت في إستراتيجية عملها وأسلوبها تبعاً للشخصيات التي كانت تقود هذه الحركات وبالتالي للفكر الذي كانت تحمله هذه الشخصية أو تلك، ولذلك نجد أن البعض كان يرى عملية التغيير منحصرة في العنف، وأن الجهاد المسلح هو الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلكه هذا الشعب لإسقاط السلطة التي تحكمه والبعض الآخر كأنه يرى أن الدعوة إلى عبادة الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي السبيل إلى الوصول إلى هذا الهدف المقدس، وطبعاً هناك وسائل وطرق مختلفة تبعاً للأجواء والظروف التي يعيشها كل مجتمع على حدى. ولابد أن الفت إلى أن هناك أمر لا يمكن عدم الإلتفات إليه وهو دور القيادة وخصائصها ومميزاتها، فهذا الأمر بحد ذاته مبعث لتحريك الناس واستقطابهم لما له من نفوذ وتأثير وقوة لا تتوفر في الكثير من حركات التغيير التي حدثت في المجتمعات الإنسانية.

وهنا لا أحب أن أقيّد نجاح حركة تغييرية إصلاحية بشخص القائد، أو بالأسلوب الذي يتّبعه هذا القائد أو ذاك، وأيضاً لا أحصر هذا النجاح بوجود الأمة التائهة التي تريد الخلاص بل أعتبر أن هذه العناصر الثلاثة مجتمعة لها الدور الكبير في عملية التغيير أو الإصلاح التي تطال هذا المجتمع أو ذاك. من هنا كانت فكرة كتابة هذا الموضوع وهي الإطلالة على أساليب العمل في الحركات الإسلامية التي حدثت في مجتمعاتنا حتى نصل إلى نظرية الإمام الخميني (قدّس سرّه) في أسلوبه التغييري في عملية الصراع والإصلاح التي بدأها والتي كان على أثرها قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

نبدأ هذه الإطلالة على بعض الحركات التغييرية والتي منها:

1 ـ جماعة التبليغ:

وتعتمد هذه الحركة في أسلوبها على الوعظ والإرشاد، وهي تلزم أتباعها بتحديد مواعيد لكل منهم يقوم أثناءها بالدعوة إلى الإسلام في مختلف أرجاء المسلمين. وعلى ما تتحلى به هذه الجماعة من صدقٍ في النية، وإخلاص في الإيمان، ورغبة صادقة في العمل على إستعادة مكانة الإسلام في عصور ازدهاره، إلا أنها لم تعط الجانب السياسي حقه من الإهتمام، وبخاصة في ما يتعلق بنظام الحكم في الإسلام، وطبعاً هذا الأسلوب غير مجد للوقوف في وجه التحديثات المعاصرة وبالتالي إيجاد المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية.

2 ـ الإخوان المسلمين:

هذه الجماعة أنشأها حسن البنا عام 1927 م بمدينة الإسماعيلية تحت عنوان (جمعية دينية) تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتركز نشاطها في البداية بالوعظ الديني، والدعوة لإقامة المساجد، أو بناء مدرسة، مع رفض المسلمين لجميع أنواع التحلل الأخلاقي.

وتوسعت هذه الجماعة إلى المدن حولها إلى أن انتقلت إلى القاهرة بانتقال (حسن البنا) إليها، حيث قام بالتدريس بمدرسة عباس بـ (السبتية)(1).

فانتقلت مركزية الدعوة إلى العاصمة وتعددت نواحي نشاطاتها من محاضرات ودروس وإصدار رسائل ونشرات، وعقد المؤثرات وإحياء الاحتفالات الدينية، وأصدرت الجماعة مجلة أسبوعية تحمل إسم (الإخوان المسلمين) تفاؤلاً بأنها ستكون جريدة يومية(2).

أما الكلام عن مبادئ الإخوان المسلمين فإن الشيخ (حسن البنا) كتب شارحاً حولها فقال: (نحن مسلمون وكفى، ومنهاجنا منهاج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكفى، وعقيدتنا مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وكفى)(3).

وماهية هذه الجماعة اختصرت بهذا القول (هل نحن طريقة صوفية، جمعية خيرية، مؤسسة اجتماعية، حزب سياسي، نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة نحن نجمع بين كل خير)(4).

ثم يقول الأستاذ البنا ـ بعد عقد الإخوان المؤتمر السادس لهم عام 1941 ـ (أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً، ولا هيئة موضعية الأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديدة ونورٌ جديد وصوتٌ داوٍ).

أما الحكومة الإسلامية فتأتي في المطلب لدى جماعة الإخوان المسلمين، وهذا يلزمهم بتحديد أسس الحكم الإسلامي المقترح وأساليبه ومؤسساته، وقد طالب الإخوان المسلمين بأن لا يكتفي في الدستور بالنص على أن دين الدولة هو الإسلام، بل يلزم أن تكون جميع القوانين إسلامية، وطالبوا بإلغاء القوانين الوضعية حسبما ورد في رسالة (نحو النور) وغيرها.

ولكنهم لم يقدموا فكراً عملياً يذكر بوضوح لما يجري تغييره أو إصلاحه في الهيكل التشريعي القائم إلا في ما يتعلق ببعض الأحكام مثل الحدود وغيرها.

أما نظام الحكم فلم يرد عن جماعة الإخوان شيء ذو خطر إلا إزاء الحزبية والأحزاب الذي جاء في أدب الجماعة مطلباً صريحاً قاطعاً(5).

ويمكن اختصار الكلام حول جماعة الإخوان المسلمين، بالتالي:

أ ـ إن هذه الجماعة انتشرت كتنظيم سياسي، خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها مباشرة انتشاراً واسعاً.

ب ـ ضم هذا التنظيم عدداً كبيراً عن الأعضاء (فضلاً عن المؤيدين).

ج ـ أعد فرقاً للجوالة وجمع السلاح، ونظم جهازاً خاصاً ودرب أعضاءه على الإنصياع الكامل، وكان هذا الأمر مربوطاً بيد المرشد العام والمؤسس الأول.

د ـ إن لهذه الحركة أثراً إيجابياً على الصعيد الإسلامي والحكم في الإسلام المرتكز على قاعدة الشورى.

ولكن هذا الأثر لم يصل إلى مستوى إخراج الواقع الذي عاشه مجتمعهم مما هو فيه، فكان بنسبة معينة.

3 ـ حزب التحرير الإسلامي:

إعتمد هذا الحزب على الثورة الفكرية السياسية وسيلة لتغيير الأفكار الباطلة وتحطيم الحكم الفاسد. وقد دأب هذا الحزب منذ تأسيسه على أرض فلسطين على إصدار نشرات تعبر عن وجهة نظرهم في كل ما يطرأ من مستجدات على الساحة الإسلامية، ويعلنون في تلك المنشورات موقفهم منها، وفهمهم لرأي الإسلام فيها(6).

وقد لف هذا الحزب جو من الغموض حول نشأته وأهدافه وغاياته، واختلفت آراء الإسلاميين فيه، فمنهم من اعتبره لم تكن قيامته ذاتية، بغرض بلبلة أفكار الناس وتشكيكهم بالحركات الإسلامية الأصلية التي سبقته، ومنهم من اعتبره تجربة من التجارب التي مرّت وتمر بالعمل الإسلامي، وأن لهذه التجربة حسناتها كما أن لها سيئاتها، وأثبتت فشلها لعدم بلوغها أهدافها بالسرعة التي حددتها لنفسها، وهكذا ...

وعلى أي حال فإن المآخذ على هذا الحزب كثيرة، منها التنظيمي ومنها السياسي ومنها الفقهي التطبيقي. وهذا الأمر يجعلنا نغض النظر عن الحديث حوله بشكل أوسع ومفصل.

نظرية الإمام الخميني (قدّس سرّه)

إن الحديث عن فكر الإمام الخميني (قدّس سرّه) الإصلاحي والتفسيري الذي أعدّ له العدة والذي قام به على أرض إيران المقدسة، ولا يمكن أن تستوعبه بعض الوريقات، أو أن تعطيه بعض الكلمات شيئاً يسيراً من حقه الكبير العظيم. ولكن نحاول معاً أن نتلمس بعضاً من بركات هذا الإمام العظيم الذي استطاع بهذه الحركة أن يعز الدين والملة وكل إنسان يحمل في قلبه التوحيد والحب لدين الله والرسول والأئمة (عليهم السلام).

وإذا أردنا الإطلالة البسيطة على ما قام به هذا الإمام لا يمكن أن نغفل الأمور الأساسية لهذه الحركة والتي يمكن أن نلخصها بالآتي:

1 ـ المنطق والفكر والدستور الذي حمله الإمام.

2 ـ الأسلوب الذي استعمله للوصول إلى ما يريد.

3 ـ الهدف المنشود الذي ضحّى من أجله بالغالي وبالنفيس.

أما الانطلاقة فقد كان مصدرها عند الإمام الخميني (قدّس سرّه) الإسلام ومفاهيمه وتعاليمه، والمخزون العقائدي الثابت الذي انطلق به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والذي سار على هديه الأئمة (عليهم السلام)، والإسلام الذي أراده الإمام ليس الإسلام الذي يتغنى به بعض الجهلة من حكام الدول الإسلامية والذين يعتبرون أن الإسلام هو مجرد طقوس عبادية من صلاةٍ وصوم وما إلى هناك، وهم لا يألون جهداً في تخدير شعوبهم وإغفالهم عن الفهم الحقيقي والواقعي للإسلام الذي أصبح مجهولاً وغريباً عند الكثيرين.

أما على مستوى الأسلوب وطريقة تعاطي الإمام مع الأحداث للوصول إلى ما أراده، فنجد الإمام ركّز على عدة أمور:

أولاً: استنهاض الشعب الإيراني للقيام على الحاكم الظالم، والنظام القائم، ولذلك نجد أن اهتمام الإسلام كان منصباً على استنهاض الرأي العام، ومقارعة النظام الذي يعتبر مصدر الإنسان في البلاد.

وهذان الأمران لابدّ من توفير بعض الأمور لتحقيقهما:

1 ـ استنهاض العلماء، ولفت نظرهم إلى المسؤولية الكبيرة التي تقع على كواهلهم في قيادة الناس وتوجيهها الوجهة المطلوبة إلى دورهم الريادي وتكليفهم الشرعي.

وهذا ما ركز عليه الإمام (قدّس سرّه) في الكثير من الخطابات التي كان يوجهها إلى العلماء وطلبة العلم والتي منها:

(أيها الطلبة والعلماء: لا تدّخروا وسعاً في نصرة دينكم، ولا تسكتوا أو تصبروا على الذل والإستكانة والإهانة، فلتكن قلوبكم حديدية، رصّوا صفوفكم ووحدوا كلمتكم، وكونوا من الذين قال الله في حقهم (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وأنتم الأعلون..)(7).

2 ـ فضح علماء السوء ووعّاظ السلاطين، وهذا الأمر أخذ من الإمام جهداً كبيراً، وإهتماماً عظيماً، فكان الإمام يهتم بفضح من يتلبس بلباس الدين وهو مجند لخدمة السلطان الجائر من جهة، ويحّذر الرأي العام والناس من الإستجابة لأفكارهم وطروحاتهم من جهة أخرى.

ثانياً: محاربة المقولة المشهورة (فصل الدين عن السياسية) والتأكيد على أن الدين هو عين السياسة، فمحاربة المفسدين والحكام الظالمين، والمستبدين بأرزاق الناس وثقافتهم، هم الذين يهيمنون على النظام الحاكم، فكان لابد من تغيير هذا النظام واستبداله بالنظام الأصلح والأسلم لهذا الشعب فكان هذا النظام من وجهة نظر الإمام (قدّس سرّه) هو الإسلام بما يحمله من قيم ومفاهيم تخدم الناس وتحمل العاملين به على العدالة ببينهم وإعطاء كل ذي حق حقه. وهذا ما أوضحه الإمام (رضي الله عنه) في وصيته الخالدة السياسية. فقال: (من المؤامرات المهمة التي تبدو بوضوح في القرن الأخير خصوصاً في العقود المعاصرة وبالأخص بعد انتصار الثورة الإسلامية الدعايات على نطاق واسع بأبعاد مختلفة لزرع اليأس من الإسلام في الشعوب وخاصة الشعب الإيراني المضحي، تارة يقولون بسذاجة وبصراحة، أن أحكام الإسلام التي وضعت قبل ألف وأربعمائة سنة لا تستطيع إدارة الدولة في العصر الحاضر، أو أن الإسلام دين رجعي ويعارض كل أنواع التحرر ومظاهر التمدن، في العصر الحاضر لا يمكن فصل الدول عن التمدن العالمي ومظاهره، وأمثال هذه الدعايات البلهاء، وتارة يعمدون بخبث وشيطنة إلى الدفاع عن قداسة الإسلام فيقولون: إن الإسلام وسائر الأديان الإلهية يهتمون بالمعنويات وتهذيب النفوس والتحذير من المراتب الدنيوية والدعوة إلى ترك الدنيا والانشغال بالعبادات والأذكار والأدعية التي تقرب الإنسان من الله، والحكومة والسياسة وفن الإدارة مناقض لتلك الغاية وذلك مناقض لسيرة جميع الأنبياء العظام. ومع الأسف فإن هذه الدعاية بشكلها الثاني قد تركت أثرها في بعض الروحانيين المتدينين الجاهلين بالإسلام فكانوا يرون التدخل في الحكومة والسياسة بمثابة المعصية والفسق)(8).

إلى غيرها من النصوص التي تؤكد على أن الإسلام دين عبادة وإدارة وسياسة وحكومة لكل الناس والعالم.

ومن الأمور التي استخدمها الإمام (قدّس سرّه) في الوصول إلى الهدف ـ وهو الوحدة الإسلامية ـ حيث إنّه اعتبر الإسلام جامع وموحد للأمة الإسلامية، وقد عمل جاهداً إلى جمع شمل الأمة وصفوفها في مواجهة الأخطار التي تهددها.

ب ـ في الاستقلال بكل أبعاده وأشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هو الذي جسد الشعار الجامع المانع الذي طرحه الإمام (قدّس سرّه) (لا شرقية ولا غربية).

ج ـ حرية الرأي والاختيار للشعب، وهذا الأمر أساسي في قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث إن الإمام ترك الاختيار للشعب في تقرير مصيره، والنظام الذي سيحكمه والذي سينضوي تحت لوائه، لأنه (الشعب) هو الذي ضحى وقدّم وبذل الدماء والمهج من اجل إسقاط النظام الفاسد، فيحق له أن يقرر الدستور والنظام الذي سيحكمه، طبعاً هذا من وجهة نظر الإمام ـ وعليه أن يتحمل المسؤولية كاملة في الحفاظ على هذا النظام الذي اختاره بنفسه وبمليء إرادته.

وطبعاً لا أنسى الدور الكبير الذي قام به الإمام الخميني (قدّس سرّه) في قيادة هذه الجماهير بالرغم من نفيه عن بلده إلى عدة بلدان بعيدة عن وطنه الأم، ولكن شخصيته الفريدة من نوعها استطاعت أن تدخل إلى قلوب الملايين من الشعب الإيراني وتحركها نحو الهدف الأسمى وهو إسقاط النظام الشاهنشاهي.

وأمّا الحديث عن الهدف الذي أراده الإمام الخميني (قدّس سرّه) من خلال هذه الحركة والثورة فيمكن إختصاره بما يلي:

أولاً: إسقاط النظام الحاكم في إيران.

ثانياً: إسقاط الهيمنة والإستعمار الأمريكي الإسرائيلي عن مقدّرات هذا البلد العظيم.

ثالثاً: إقامة الحكومة الإلهية على هذه الأرض.

رابعاً: فتح الطريق أمام شعوب العالم المستضعفة والمظلومة للقيام على حكامها الظالمين والمطالبة بحقوقها من خلال الإقتصاص من المجرمين وتحريك الروح الجهادية لدى هذه الشعوب إلى قيام القائم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وهذا ما أوضحه الإمام (قدّس سرّه) في بعض كلماته والتي منها:

(ونأمل أن تكون هذه الثورة مشعلاً إلهياً بحيث تبعث على إيجاد انفجار عظيم في بلاد المستضعفين المظلومين وأن تشكل حركة في العالم وتنطلق ثورة تستمر حتى تتصل بطلوع فجر ثورة بقية الله الأعظم (أرواحنا له الفداء)(9).

وأخيراً هذه إطلالة بسيطة على بعض حركات التغيير التي حصلت في أمتنا، ولا نتوخى منها إلا الأجر والثواب ورضا مولانا صاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الهوامش:

ـــــــــــــ

(*) طالب ومساعد تعليمي في حوزة الرسول (صلّى الله عليه وآله).

1 ـ العسال، فتحي ـ حسن البنا كما عرفته ـ ص54.

2 ـ البنا حسن ـ مذكرات الدعوة والداعية، ص149.

3 ـ المرجع نفسه ـ ص183.

4 ـ الجندي، أنور ـ الإخوان المسلمين في ميزان الحق ـ ص11.

5 ـ البشري، طارق ـ الحركة السياسية في مصر ـ دار الشروق ـ ص56.

6 ـ يكن، فتحي ـ نحو حركة إسلامية واحدة ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ط 3 ـ سنة 1977 ـ ص 13 ـ 15.

7 ـ الإمام الخميني ـ دروس في الجهاد والرفض ـ ص 36.

8 ـ الوصية الإلهية ـ السياسية.

9 ـ المرجع نفسه.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة