Skip to main content

القدوة في سيرة الإمام الخميني الراحل

التاريخ: 09-01-2009

القدوة في سيرة الإمام الخميني الراحل

القدوة في سيرة الإمام الخميني الراحل محطات ثلاث في حياة الإمام جسدت تجسيداً رائعاً معالم شخصيته الفذة

القدوة في سيرة الإمام الخميني الراحل

محطات ثلاث في حياة الإمام جسدت تجسيداً رائعاً معالم شخصيته الفذة. كعالم دين. ومجاهد ثوري. وقائد حكيم.

في حياة الإمام الخميني الراحل أكثر من محطة لابد من التوقف عندها لاكتشاف المضامين المعبرة والتي شكلت عناصر سلوك الإمام الراحل عندما كان يمارس دوره وهو عالم دين مجتهد، ومن ثم وهو يقود الثورة ضد الشاه، وبالتالي وهو يحتل بجدارة موقع الولي الفقيه للدولة الإسلامية في إيران.

هذه المحطات الثلاث في حياة الإمام … شهدت دائماً نسيجاً خاصاً من السلوك لم يتغير بتغير الضرورات والمواقع … ومن اجل اكتشاف معالم شخصية الإمام ومضمونها الداخلي على مستوي السلوك الفردي والاجتماعي ننتقل في رحلة ممتعة، واعية مع ما تحدث به رجال كانوا حول الإمام وقريبين منه في كل الظروف.

الإمام وصلاة الليل

يقول أنصاري كرماني؛ إن الإمام كان كثير الالتزام بصلاة الليل وينقل عن ذلك مثالاً فيقول: ألمت بالإمام وعكة صحية عندما كان في قم (بعد انتصار الثورة الإسلامية) فأمر الأطباء بنقله إلى مستشفى القلب في طهران، وكان الجليد يغطي شوارعها … وبعد دخوله المستشفى أدى الإمام صلاة الليل، ويذكر أنصاري كرماني أيضاً أن الإمام عندما عاد من باريس بالطائرة ليلاً أدى صلاة الليل بالطائرة.

الإمام وتلاوة القرآن

رغم المسؤولية الضخمة التي كان يتحملها الإمام (رض) فانه كان مواظباً على قراءة القرآن يومياً ولعدة مرات، حيث يذكر أنصاري كرماني: كنا مرات عديدة في اليوم نأتي إلى الإمام فنجده يقرأ القرآن .. لقد لاحظ مشاهد والتلفيزيون في الليلة التي توفى فيها الإمام (رض) أنه كان يحتفظ بمصحف كان وهو في ساعاته الأخيرة يقرأ فيه القرآن الكريم!

رباطة جأش قلّ نظيرها

ينقل أنصاري كرماني عن أحد مقربي الإمام قوله: طلب مني الإمام في أحد الأيام (عندما كان في النجف الأشرف بالعراق) أن أذهب في التاسعة من صباح اليوم التالي لتفقد أحوال أحد العلماء وفي صباح اليوم التالي وعند الساعة التاسعة صباحاً اليوم التالي وعند الساعة التاسعة صباحاً مررت بالقرب من بيت الإمام، فوجدت الناس مجتمعين عند الباب، فراودني قلق شديد على حياة الإمام، فعرفت بنبأ استشهاد نجل الإمام السيد مصطفي (رض)، فأسرعت بدخول الدار ودخلت على الإمام في غرفته وبعد السلام عليه بادرني هو بالسؤال عن موضوع الأمس .. وكنت ذاهلاً فسألت أي موضوع؟ فذكرني بموعد الساعة التاسعة حيث يجب أن أزور أحد العلماء. وفي الوقت الذي كان جثمان الفقيد على الأرض والناس حوله يبكون، أمرني الإمام بوجهه المشرق ورباطة جأش بالذهاب فوراً إلى ذلك العالم وتقديم الاعتذار له .. بعد ذلك خرج الإمام إلى المسجد لإعطاء دروسه على التلاميذ.

بيت الإمام

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ونتيجة للجهود الكبيرة التي كان الإمام يبذلها داهمه مرض القلب وعندما تماثل (رض) للشفاء وأجاز الأطباء خروجه من المستشفى بعد أن طلبوا أن يسكن في طهران ليكون قريباً من المستشفى أخذ أعضاء مكتبه يبحثون له عن مسكن في شمال العاصمة لبعد المنطقة عن التلوث، فاختاروا له بيتاً بسيطاً يتكون من ثلاثة طوابق .. ولكن الإمام بعد أن سكن فيه عدة أيام طلب من أعضاء المكتب البحث عن بيت آخر وعندما سألوه عن السبب اخبرهم بأن واجهة البيت مسكوّه بالمرمر وهذا لا يناسبه فهو يريد بيتاً مسكواً بالآجر العادي والطين، وهكذا كان حيث استأجروا للإمام بيتاً حسب المواصفات التي يطلبها .. لكنه لم يكتف بذلك فقد استدعى أصحاب البيت من الرجال والنساء وتحدث أولاً مع الرجال إن كانوا فعلاً راضين بسكنه في البيت فأجابوه بأنهم يتشرفون بذلك، فدعى النسوة وتحدث معهنّ كذلك فأجبنه بنفس الجواب. وهكذا بقي الإمام مستأجراً لذلك البيت حتى وفاته (رض).

زهد الإمام

وينقل الشيخ فردوسي بور وكان مديراً لمكتب الإمام عندما كان بباريس. هذه الحادثة عن زهد الإمام وحبه لشعبه فيقول: في تلك الأيام التي أعدت فيها خطة حركة الإمام من باريس إلى طهران نظمت «لجنة الاستقبال» مراسم استقبال الإمام بشكل عظيم يليق بسماحته وفي اليوم الذي اتصلت بنا لجنة الاستقبال تلفونياً من طهران كنت أنا مسؤول المكتب، وكان المتحدث من طهران الشهيد المظلوم آية الله الدكتور بهشتي حيث قال «لقد قمنا بتنظيم برنامج لاستقبال الإمام ولكي يعرف الإمام ذلك أخبره بما يلي: سنفرش المطار ونزيّنه بالمصابيح وسنأخذه من المطار إلى «بهشت زهراء» بالهيلوكوبتر ..

فذهبت إلى الإمام وأخبرته بذلك، وبعد أن أصغى إلى بدقة كعادته ـ حيث إن من عادته الإصغاء للمقابل بدقة ثم يجيب بكل صراحة وحسم ـ رفع رأسه قائلاً: قل لهؤلاء السادة: هل تريدون استقبال «كوروش» في إيران؟ لا حاجة لهذه الأعمال أبداً، فكل ما حدث هو أن واحداً من الطلبة كان قد خرج من إيران وهو الآن يعود إليها .. إنني أريد أن أكون بين أبناء شعبي ولو سقطت بين الأقدام».

الإمام والتعامل مع المحتاجين

وحول أسلوب الإمام في تعامله المحتاجين نذكر الحادث التالي: كان من ضمن برنامج الإمام (حينما كان في النجف الأشرف) أن يحضر كل ليلة مدة ساعة في غرفة الاستقبال ثم يذهب بعدها إلى زيارة حرم جّده أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي إحدى الليالي جاء رجل فقير إلى الغرفة يطلب مساعده، فلم يلق معاملة حسنة من بعض المسؤولين عن إدارة منزل الإمام، وكان الإمام يراقب الوضع عن بعد وحين نهض للذهاب إلى الزيارة توقف عند المسؤول وقال له: أي نوع من المعاملة هذا؟ فاعتذر المسؤول قائلاً: لقد جاء هذا الرجل بالأمس واليوم الذي قبله! فقال الإمام: دعه يأت، انه محتاج وقد أجبرته حاجته على المجيء فأما أن نقضي حاجته أو نرضيه بقول ما، فلا تجرحوا مشاعر الناس، وكانت آثار الانزعاج والغضب واضحة على الإمام.

بصيرة الإمام النفاذة

وحول بصيرة الإمام النفاذة ينقل السيد حميد الروحاني حادثة على غاية من الوضوح في قدرة الإمام (رض) على تشخيص الأمور ورؤية عواقبها .. حيث يقول:

ولما قامت مجموعة من الشاب الإيرانيين تنتمي إلى منظمة تطلق على نفسها اسم «مجاهدي خلق» باختلاف طائرة إيرانية من مطار دبي هبطت بهم في مطار بغداد، حضر احد أفراد هذه المجموعة عند الإمام وادعى أنه «ينتمي إلى مجموعة أهدافها النهوض بأهداف الدين الإسلامي الحنيف ومناصرة نهضة الإمام الإسلامية، وقال إننا سائرون على طريق الإسلام، نقرأ القرآن دوماً، وكذلك نهج البلاغة ونبتغي منك تأييد منظمتنا»

فأجابه الإمام:

«أنا لا استطيع تقديم التأييد لكم، قبل أن اطلع على هوية منظمتكم ويقتضي ذلك البحث والاطلاع على أدبياتكم وكتبكم».

وقد قدّم هذا الشخص للإمام وعداً بإحضار ما لديهم منها، كما أن الإمام خصص ساعة أو نصف ساعة من وقته ـ يومياً لملاقاته ومناقشة مدعيات ذلك الشخص، ومضي على هذه الحالة شهر من الزمان كان خلالها هذا الشخص يحضر عند الإمام ـ كما قال الإمام ـ وقد تحدّث كثيراً حول مناهجهم وخططهم وسوابقهم وآرائهم «الإسلامية» ونظراتهم الخاصة في المسائل الإسلامية والاجتماعية والسياسية، والأمور المتعلّقة بأداة الدولة وفي مختلف المسائل الأخرى

ويضيف الإمام: كان هو يتكلم وأنا أنصت إليه، تكلم عن برامج هذه المنظمة وأفكارها وإيديولوجيتها، واطلعت على ما قدمه من كتب ومطبوعات، وقرأتها فتوصّلت إلى حقيقة واضحة هي: أن هؤلاء من أولئك المنحرفين اليساريّين الذين يعرفون ـ حق المعرفة ـ أن الشعب الإيراني شعب تغلغل الدين في أعماقه وأكنافه منذ ألف سنه، ولذلك فإن أية حركة تولد في هذا الوسط ولا تستند إلى الإسلام سوف يكون نصيبها الفشل، اتخاذه ستاراً يطرحون من ورائه آراءهم التي هي الآراء والمعتقدات الإلحادية نفسها التي تطرحها الفئات الماركسية والشيوعية الأخرى».

وهكذا فإن الإمام لم يؤيد هذه الحركة مطلقاً وكان حذراً منها، على الرغم من محاولات مختلف الأطراف والجهات السياسية والوطنية. إن كل الضغوط الناشئة عليه بهذا الخصوص لم تستطع أن تغير من إرادته وتصميمه شيئاً.

كرامات الإمام

وينقل الشهيد صدوقي حادثة أوضحت كرامة الإمام ومعرفته لعواقب الأمور حيث يقول: سافر أحد التجار الإيرانيين إلى النجف الأشرف «عندما كان الإمام فيها»، وكانت حكومة الشاه في ذلك الحين قد جعلت لها عيوناً لمراقبة كل من يأتي إلى الإمام. جاء التاجر إلى الإمام وهو يحمل معه أموالاً (حقوق شرعيه) تمثل سهم الإمام ليعطيها إياه، وحين قدمها للإمام قال: هذه الأموال هي من سهم الإمام وقد أتيت بها من إيران إليكم. فرفض الإمام تسلم الأموال. فأصّر التاجر على الإمام لاستلامها قائلاً: لقد أتيت بها من مكان بعيد وهي تخصكم، عندها قال له الإمام:

ليس من الصالح أن استلم منك هذه الأموال اذهب بها إلى المرجع (و ذكر اسمه) وخذ منه ورقة باستلام الأموال، فحمل التاجر تلك الأموال إلى ذلك المرجع فسلمها له واخذ منه ورقه بالاستلام.

وحين عاد التاجر إلى إيران القى عليه القبض في الحدود. وحققوا معه وقال له «مسؤولو الأمن» نحن نعلم كل شيء لقد ذهبت إلى النجف وزرت الإمام وقد أعطيته أموالاً كثيرة، ولكن التاجر قال لهم إنني لم أعط الإمام حتى شاهياً واحداً (والشاهي هو اقل فئة قديمة في العلمة الإيرانية)، بل إنني أعطيت الأموال لشخص آخر وهذا هو وصل الاستلام، ثم اخرج ورقة باستلام المبلغ من المرجع الآخر.

فلو أن الإمام كان قد استلم المبلغ من الشخص المذكور لكان من المحتمل أن يسجن ذلك التاجر مدى الحياة.

صلابة الإمام

تنقل عن الإمام (رض) قصص وأحاديث واقعية توضح صلابته وتماسكه عند حلول الشدائد حتى أضحى في الشدائد والصعاب ملاذاً يلوذ به الجميع ..

وكان الشهيد آية الله بهشتي أثيراً عند الإمام لحد كبير ويروي السيد أنصاري كرماني كيف أنهم حاولوا التخفيف من وطأة خبر شهادة الدكتور بهشتي على الإمام فقال:

في الليلة التي وصلنا خبر شهادة الدكتور بهشتي وأصحابه أصابنا الذهول، ولم ندر كيف يتسنى لنا إخبار الإمام بهذه الفاجعة حيث انه كان يحب بهشتي من صميم قلبه. وقررنا ليلتها أن يقوم كل من الحاج احمد (نجل الإمام) والشيخ هاشمي رفسنجاني (رئيس مجلس الشورى الإسلامي آنذاك) بإخبار الإمام بالنبأ في صباح اليوم التالي، وثم إبلاغ الإذاعة والتلفزيون بعدم بثّ الخبر مساء ذلك اليوم والانتظار حتى صباح اليوم التالي لان الإمام قد تعودّ على سماع أخبار آخر الليل.

وتم الاتفاق أيضاً على رفع جهاز الراديو من غرفة الإمام لكي لا يستمع إلى أخبار الساعة 7 أو 8 صباحاً، ولكن عندما همّت احدي النساء برفع المذياع من غرفة الإمام قبل الساعة 7 صباحاً .. قال لها الإمام: اتركي المذياع في مكانة فقد سمعت بالفاجعة من إحدى الإذاعات الأجنبية مساء أمس.

وعندما دخل الحاج احمد والشيخ الرفسنجاني ليخبراه بالحادثة، ولكن قبل أن يقولا شيئاً بادرهما بالتعزية واخذ يواسيهما ليقوي عزيمتها.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة