Skip to main content

الموت في عشق الإمام الخميني حياة

التاريخ: 31-10-2008

الموت في عشق الإمام الخميني حياة

الموت في عشق الإمام الخميني حياة في الذكرى العشرون على رحيل الزعيم الروحي آية الله الإمام روح الله الموسوي الخميني جمعت بعض الذكريات التي مازالت صداها في خاطري، جعلتني أقف احتراما وتقدير وحبا لرجل لا ينسى قط مذ حييت

الموت في عشق الإمام الخميني حياة

في الذكرى العشرون على رحيل الزعيم الروحي آية الله الإمام روح الله الموسوي الخميني جمعت بعض الذكريات التي مازالت صداها في خاطري، جعلتني أقف احتراما وتقدير وحبا لرجل لا ينسى قط مذ حييت.

في العام 1979م كنت في مقتبل العمر «عمر المراهقة» سن ألا مبالاة ولكن لم يدم هذا طويلا، فمنذ أن عاد الرجل الصالح السيد الإمام الخميني العظيم إلى إيران وهبة نسائم عطره على جميع أنحاء العالم، فكانت الألطاف الربانية تعم الكون في عملية تصحيحية قلت نظيراتها، نعم بعد نفي السيد الإمام روح الله الموسوي الخميني «قدس سره» من قبل الشاه عام 24/10/1965م، لقد عاد إلى إيران في 1/2/1979م وكانت الجماهير المؤمنة تتقدم في عملها للإطاحة بالنظام الملكي الشاهنشاهي، ومنذ وصول الإمام الخميني قدس سره، انطلقت الأناشيد الإسلامية الحماسية من الإذاعة الإيرانية التي ألهبت مشاعرنا ومنها تلك الأنشودة التي لن أنساها ما حييت ««الله الله الله... لإله إلا الله»». وانتقل الإمام إلى مقبرة الشهداء وألقى خطابه الذي أعلن فيه قيام الحكومة الإسلامية في إيران من هنا كانت بدايات العشق الخميني.

الشاه والهروب من إيران:

في 16/1/1979م أضطر الشاه للهروب من إيران بسبب الغضب الجماهيري ضده وخوفه من السقوط في قبضة الجماهير المؤمنة فتوجه الشاه إلى بنما «حيث لم يستقبله أسياده الأمريكان» ولم يكن مرحبا به في معظم البلدان خوفا من الغضب الجماهيري الإيراني وبعد محاولات من الشاه للاستقرار في بلد «العم سام» اضطر الرئيس الأمريكي على استحياء قبوله بالقدوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية بحجة تلقي العلاج «هوم سك» وبعد فتره من العلاج اضطرت أمريكا «أمريكا أمريكا عدوة الشعوب» بمطالبة الشاه العميل من مغادرة أراضيها لتنامي الضغوط عليها من الجماهير الإيرانية التي تطالب بمحاكمة الشاه في إيران، مما أدى إلى قيام الثوار الإيرانيين بالسيطرة على السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز 53 دبلوماسيا أمريكيا في السفارة الأمريكية، ولكن لم يجد الشاه أرضا تستضيفه «إذا طاح الجمل كثرة سكاكينه» وفي النهاية استقبله الرئيس المصري أنور السادات في أرض أم الدنيا ولكن لم يدم طويلا فيها فقد توفي في 27/7/1980م.

عملية طبس الفاشلة:

في 24/4/1980م بينما كنا نتابع حلاوة الانتصار الرباني ونتغنى بتلك الأناشيد الإسلامية «إيران.. إيران.. إيران» لم يهنأ الاستكبار العالمي وأزلامه فقد عفرت الجماهير انف أمريكا وكبريائها في طهران ومازال دبلوماسييها «الجواسيس» محتجزين فيها، فتقرر في البيت الأسود أن يقوموا بعملية أطلاق الرهائن من خلال عملية أطلق عليها «مخالب النسر» تقوم بها مجموعة من الطائرات الأمريكية بالإنزال في صحراء طبس الإيرانية ولكن لم يعلموا أن لله جنودا لا يرونها كما كانت هناك جنودا في معركة الأحزاب حيث سلط الله ريح مفاجئة أكفأت قدورهم واقتلعت خيامهم، وانسحبوا منهزمين إلى ديارهم. هكذا كانت نهاية عملية «مخالب النسر» فقد أصبحت طائراتهم دون مخالب واصطدمت مع بعضها البعض وسقطت وتحطمت بعد أن هبت عاصفة بقدرة ربانية وتدخل ألاهي وأصبحت هذه الهزيمة بمثابة كارثة أدت إلى هزيمة الرئيس جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية،

 زاد حبنا شغفا بك سيدي الإمام الخميني:

بعد هذه المتابعة للأحداث زاد تعلقنا وحبنا للجمهورية الإسلامية ومتابعة هذا الرجل الوقور في كل حركاته وأفعاله، وقام أبي بشراء «انتل» جديد لنتمكن من التقاط موجات التلفزيون الإيراني لنستطيع مشاهدة الإمام وهو يلوح بيديه الكريمتين على الجماهير وكأنه يلوح بيديه لنا نحن حتى ارتفعت أسعار أجهزة الاستقبال في المحلات الكهربائية لكثرة الطلب عليها ونحمد الله إننا كنا نتوفق أحيانا في التقاط موجات محطة التلفزيون الإيراني الأرضية «لم يكن هناك رسيفرات وأقمار عرب سات والنيل سات وغيرها» كان الإمام في خطاباته يخترق قلوبنا نحن، عندما يردد تلك المناجاة «الهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار قلوبنا حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير معلقة بعز قدسك»، كنا نقلد كلماته بلهجته التي كانت تنطلق بروحانية تسحر سامعيها. نعم أصبح الإمام عشقنا الأبدي.

هجوم صدام على أرض الطهر الإيرانية:

في سبتمبر 1980م قام صدام بتمزيق اتفاقية الجزائر لعام 1975م التي وقعها مع شاه إيران وذلك بعد أن يئس الذين كفروا من محاولاتهم للإطاحة بهذه الدولة الإسلامية الفتية التي من أهدافها إنهاء الدولة الصهيونية من الوجود، كما قامت بطرد الاسرائيلين من السفارة الإسرائيلية وتسليمها إلى الفلسطينيين. في هذه المرحلة تحرك الاستكبار العالمي بقيادة احد إذنابه وهو صدام حسين التكريتي الجاثم حينذاك على ارض العراق، وبعد تمزيقه لهذه الاتفاقية قام بالهجوم المباغت على الجمهورية الإسلامية وتوغله في الأراضي الإيرانية بدون مقاومة واحتل مدن كثيرة منها مدينة خرم شهر الصامدة المقاومة وقام صدام بعملياته الإجرامية وأعلنها حرب دينية مذهبية كما قام بمطالبته بإعادة جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وذلك محاولة من صدام لان يكون الصراع عربي فارسي أيضا.

 قال الإمام الخميني قدس سره «الخير فيما وقع».

بينما كانت الجمهورية مشغولة في بناء الأجهزة الرسمية لتلك الدولة الفتية باغتها المجرم صدام وتوغل في أراضي الجمهورية الإسلامية من خلال تجنيد الشعب العراقي المسلم وإجباره على مقاتلة إخوة لهم في الدين والعقيدة والمذهب، وبعد أن هرع الشعب الإيراني إلى القائد العظيم الإمام الخميني قدس سره قال الإمام الخميني كلمته المشهورة «الخير فيما وقع» فكانت هذه الكلمة عبارة عن بلسم للجراح وثقة كبيره للقائد ثقة المؤمنين بنصر الله، فما هي إلا أيام حتى بدأ الشعب الإيراني يتطوع في الذهاب إلى جبهات القتال كما قامت النساء الإيرانيات بتقديم الحلي وما تجود به أنفسهن في سبيل تطهير أرضهن من العفن الصدامي، وكنا نتابع هذه الإحداث ونشاهد المتطوعين الإيرانيين وهم يلبون نداء الخميني في الالتحاق بالجهاد المقدس ضد الاستكبار العالمي الذي كان يقف مع صدام ويمده بالأسلحة والطائرات والصواريخ بينما كانت الجمهورية الإسلامية تعتمد على الأسلحة القديمة في مخازن الشاه. ولكن استطاع البواسل المؤمنين جنود الله من إيقاف الاعتداء الصدامي فما حلت سنة 1982م حتى عرض صدام التكريتي مبادرة وقف إطلاق النار ولكن هيهات ليس بعد الذي جرى، فلم يوافق روح الله الخميني قدس سره.

 الإمام الخميني يقول لصدام: هناك طريقا واحدا لك هو الانتحار:

خلال الحرب الإيرانية العراقية التي دامت ثمانية سنوات كانت هناك محاولات كثيرة من قبل صدام لإنهاء الحرب بعد أن عجز هو وأسياده من الاستكبار العالمي في تحقيق انتصار وتقدم بعروض تعويضية للجمهورية الإسلامية ولكن كان هناك موقف ومبدأ لدى الإمام وهو محاكمة صدام. وكان خلالها يتقدم بالنصح للدول الجارة لوقف المساعدات التي تقدمها لصدام ومن خطبه في هذا المجال قال " اعلموا انه لوا انتصر صدام وتقدم إلى الإمام سوف يقوم بإحراقكم جميعا فهذه هي شخصية صدام، فالجناية والتعدي وقتل البشر جزء من شخصية صدام ولا سمح الله.. لو تمكن صدام وحصل على سلطة ما.. سوف يقوم بتدمير... الخليج والكويت، وهذه طبيعة هذا الرجل، فمثلما أن طبيعة إسرائيل هي الجناية وتتسلى بالجناية، صدام أيضا هو كذلك فإسرائيل وصدام أخوان، وأقول لصدام بأني أعرف طريقا واحدا لك، وهذا الطريق هو الانتحار «وقد ضحك جميع الحضور» فمثلما فعل هتلر بعد أن خسر الحرب وانتحر أيضا إن كنت رجلا ومثل هتلر قم بقتل نفسك». لهذا تم مواصلة الحرب من قبل الجمهورية الإسلامية واعتبرها الإيرانيون حربا مقدسة استطاعوا تحرير أراضيهم والوصول إلى البصرة حتى شبة جزيرة الفاو، ولكن هذا التقدم جعل الأمريكان ومن حولهم من المجرمين يستحلون ما هو محرم عالميا فقد وافقوا على استخدام الأسلحة الكيميائية والجرثومية ضد الجنود الإيرانيين وفجعنا بين يوم وضحاها ان يستشهد حوالي خمسون ألف شهيد إيراني بقتلهم بواسطة الأسلحة الكيماوية في شبة جزيرة الفاو، وكذلك في جزر مجنون في أهوار شط العرب، واستمر استخدام الأسلحة الكيميائية تحت مرأى العالم بأسره ولكن لا عدل في هذه الدنيا فالعدل الالهي في يوم الميعاد كما قالت فاطمة الزهراء عليها السلام «وعند الساعة يخسر المبطلون». بعد أن تبين ان الحرب بدأت فيها الانحراف الخطير نحو استخدام أسلحة دمار شامل محرمة دوليا، دون تحرك المجتمع الدولي ضد صدام وتعرض الجيش الإيراني لخسائر فادحة في صفوف المؤمنين على جبهات القتال بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية أضر الإمام الخميني على الهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة والتي وصفها الإمام «بتجرعه كأس من السم» في 8/8/1988م في الحقيقة كانت كلمات الإمام لوقف الحرب مؤثره جدا في محبيه في جميع إنحاء العالم وكأننا جميعا تجرعنا السم.

 روح الله الإمام الخميني قدس سره إلى مثواه الأخير:

توفي الإمام الخميني قدس سره في عام 1989م بعد حياه جهادية نشر فيها أنوار مازال أضوائها تنير قلوب محبيه، لقد تابعنا اللحظات الأخيرة للإمام الخميني وهو فوق سريره الأبيض وهو يمارس طقوسه العبادية من صلاة وقرآه القرآن، لقد فقد العالم أعظم رجل عرف في القرن العشرون وحزن عليه محبيه وغير محبيه فهو رمز الطهر في عوالم كثرت فيه النجاسة، ولكن خلال حياته التي من الله علينا بمعرفته، أنار لنا الطريق وكنا خلال تلك الأيام نعيش أحلى ساعات العمر وكما قالوا «يا حلى من عاش عصرك» نعم بحق كانت أيام الإمام الخميني قدس سره بها حلاوة لا مثيل لها. فقدنا بموت الإمام حلاوة الدنيا لم تعد تلك الأيام بحلاوتها كنا نحس بالأمان حتى ونحن في أشد الخطر. كان الإمام ومازال هو ذاك الضوء الذي لا يخفت بريقه، في الحقيقة الموت في عشق الإمام حياة.

ــــــــــــــــ

(*) كاتب وباحث سعودي «سيهات»

احدث الاخبار

الاكثر قراءة