Skip to main content

الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني

التاريخ: 26-08-2008

الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني

الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني تمهيد فكرة الثابت والمتغيّر، من الموضوعات التي فرضت نفسها على الساحة الفكريّة والسياسيّة عند المسلمين، بل الساحة الفقهيّة والفلسفيّة

الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني

تمهيد

فكرة الثابت والمتغيّر، من الموضوعات التي فرضت نفسها على الساحة الفكريّة والسياسيّة عند المسلمين، بل الساحة الفقهيّة والفلسفيّة. وذلك أنّها تمثّل الأرضيّة التي يقف عليها جميع المطالبين بعمليّة التطوير والمواكبة، والمنطلق الذي ينطلق منه روّاد الحداثة والعصرنة.

منطلقات فكرة الثابت والمتغيّر

1- إثبات صلاحيّة الإسلام لكلّ زمان ومكان، وقدرته على مواكبة حاجات الناس في كلّ عصر، وعلاج المسائل المستجدّة والمستحدثة، وتقديم الإطار الشرعي لها. وكذلك إثبات حركية الإسلام في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خصوصاً عندما يراد إدارة شؤون الدولة على ضوء الإسلام. وهذا المنطلق هو الأساس لفكرة الثابت والمتغيّر لدى الإسلاميين.

2- الاعتقاد بفصل الدين عن السياسة والشأن العام بصورة عامة. وأنّ الإسلام باعتباره ديناً فهو يعبّر عن الجانب الثابت في حياة الإنسان، ويعالج الحاجات الثابتة للإنسان، أي يعالج الجانب العقائدي والعبادي في الإنسان، وليس له أي تعرّض للجوانب المتغيّرة في حياة الإنسان، أي ليس له ارتباط بالجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبعبارة مختصرة: ليس له ارتباط بمتغيّرات الحياة.

3- الاعتقاد بأصالة العقل والقناعة الشخصية، وأنّه المرجعية المعرفية الوحيدة، وهو بالطبع متغيّر ومتطوّر فتتغيّر تبعاً له المعارف.

4- الاعتقاد بأصالة حريّة الإنسان في التفكير والإبداع. وأن لا ثابت في الوجود إلاّ حرية التفكير والإبداع، وما سواها متغيّر متبدّل. وهذه المنطلقات الثلاثة هي الأساس لفكرة الثابت والمتغيّر لدى غير الإسلاميين.

النظريات في الثابت والمتغيّر

في ضوء المنطلقات الأربعة المتقدّمة تولّدت أربع نظريات في الثابت والمتغيّر، ولكن سنقتصر هنا على التعرّض لنظرية علماء الإسلام، وبالخصوص لنظرية الإمام الخميني « ره ».

نظرية علماء الإسلام في الثابت والمتغيّر

يحظى بحث الثابت والمتغير بأهمية كبرى عند علماء الإسلام، إذ في ظله تتجلّى قدرة الإسلام على إدارة المجتمعات المعقدة، ويَثبت بطلان الشبهات التي تثار أمام الإسلام وقدرته على حل مشكلات الإنسانية المختلفة، ومواكبته لاحتياجات البشرية المتزايدة. هذه الشبهات التي تؤسس لفكرة فصل الدين عن الحياة الاجتماعية، وترك هذه المساحة لاجتهادات العقل البشري المتغيّرة.

وتقوم هذه النظرية على افتراض أنّ في الإسلام دائرتين:

أحداهما: دائرة الثوابت التي لا تقبل التغيّر والتبدّل بأي نحو من الأنحاء، وهي دائرة العقائد والأخلاق، وكذلك الأحكام الشرعية الضرورية والمسلّمات الفقهية.

والأخرى:دائرة المتغيّرات التي يتصوّر فيها التغيّر والتبدّل بنحو من الأنحاء، وهي دائرة الأحكام الشرعية الفرعية الاجتهادية.

ثمّ إنّ بحث الثابت والمتغير في الإسلام، يعتبر من الأبحاث الدقيقة والتخصّصيّة، التي تحتاج إلى خبرة ميدانيّة من جهة، وتخصّص علمي إسلامي عميق من جهة أخرى، كما تحتاج إلى منهجيّة دقيقة، حتّى يستطيع الباحث أن يقدّم تصوّراً واضحاً لما هو الثابت والمتغيّر في الإسلام، والضابطة الواضحة لذلك والمنسجمة مع المنهجية الفقهية المعروفة في الاستنباط.

نظريّة الثابت والمتغيّر عند الإمام الخميني«ره»:

يرى الإمام الخميني (ره) أنّ التغيّر في الإسلام يتبلور في صورتين:

الأولى:

تبدّل موضوع الحكم إلى موضوع آخر في ظل الضرورات الحياتيّة، والمقتضيات والمتطلّبات التي تفرضها المتغيرات الزمانيّة والمكانيّة. فهذه الأمور تؤثر في تغيير موضوعات الأحكام الشرعية بشكل دقيق.

إنّ أهم نقطة في نظرية الإمام الخميني، هي افتراضها أنّ تبدل الموضوع يمكن أن يتم بشكل دقيق وخفي. فقبل هذه النظرية كان الفقهاء يقبلون ذلك حينما يتحول الموضوع إلى موضوع آخر، وتبرز علامات جليّة تدل عليه، كما في استحالة الخمر إلى خل، أو الميتة إلى ملح. أمّا الأمام الخميني فلم يحصر ذلك بالصورة الجليّة الظاهرة المذكورة، بل طرح إضافة إلى ذلك فكرة التبدّل الداخلي الخفي.

فما أحدثه الإمام الخميني من تحول في النظرة الأصولية بالنسبة إلى تغيّر الموضوع، حينما طرح فكرة التحول الداخلي للموضوع، يشبه ما أحدثه الملا صدرا في النظرة الفلسفية لموضوع الحركة، حينما طرح الحركة الجوهرية. فقد كان مصداق الحركة قبل الملا صدرا محصوراً بالتحولات الظاهرية في الكم والكيف، فجاء الملا صدرا وطرح قضيّة الحركة والتحوّل في الجوهر نفسه. وكذلك قضيّة تبدّل الموضوع، فقبل الإمام الخميني كانت النظرة مقتصرة على التغيرات الظاهرية، فجاء الإمام الخميني فعمّق ذلك ليشمل التغيّر والتحوّل الداخلي كذلك. فالشطرنج مثلاً - الذي هو موضوع للحرمة الشرعية الصريحة - وإن لم يتغيّر في ظاهره وعنوانه إلاّ أنّه تغيّر في داخله وجوهره، فبعد أن كان أداة للقمار تحوّل إلى أداة للرياضة الفكرية.

وهذا لا يعني أنّ جميع الموضوعات، في نظر الإمام الخميني، تتبدل بشكل قهري في ظل التغيّرات الزمانيّة والمكانيّة، والضرورات الحياتيّة، بل هناك من الموضوعات - مثل الموضوعات العبادية، وكثير من الموضوعات الأخلاقية - ما هو ثابتة على مدى الزمان، لا يمسّها التغيّر والتحوّل مهما تطاول الزمان أو تغيّر المكان، ومهما اختلفت الظروف الحياتيّة. كما أنّه لا بدّ من وجود قرائن تدّل على هذا التغيّر الداخلي بحيث تمثّل ظهوراً يصحّ الاعتماد عليه في ادعاء ذلك.

الثانية:

 الولاية المطلقة للفقيه، والحكومة الإسلاميّة: يقول الإمام الخميني في هذا المجال: « إنّ الحكومة المتفرّعة عن ولاية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المطلقة، هي أحد الأحكام الأولية للإسلام، ومقدّمة على جميع الأحكام الفرعية... فالحكومة قادرة على منع الحج مثلاً - الذي هو من الفرائض الإلهية المهمة - مؤقتاً، إذا كان في ذلك صلاح البلد الإسلامي».

احدث الاخبار

الاكثر قراءة