Skip to main content

البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني

التاريخ: 18-08-2008

البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني

البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني في طبع لبنان، الانفتاح على حضارات العالم، والتفاعل مع ما تصنفه الأزمان في خانة الفتوحات

البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني

في طبع لبنان، الانفتاح على حضارات العالم، والتفاعل مع ما تصنفه الأزمان في خانة الفتوحات... تلك التي يعلي صروحها رجالات عظام، رفعهم استحقاقهم إلى منزلة القادة، ففاءت إلى فكرهم، ودعوتهم، ومدارسهم، أمم وشعوب.

وفي صدر خصائص هذا الوطن، سعة ساحاته، اعترافاً بالمكانات التي يحتلها في عقيدة إنسانه، فكر القادة الأئمة، حيث يصبح التعبير عن العقيدة التزاماً وممارسة... أرقى ما تكون الممارسة، وأعمق ما يكون الالتزام.

أنا هنا في هذه الندوة، لأشهد أكثر مني لأشرح. أتيت ندوة الإخوة الأصدقاء، لأوجه تحية الإكبار للإمام الخميني، ولكي أشهد للثورة الإسلامية التي رفع الإمام راياتها، وقاد جموعاً، ما زالت منذ عقدين من الزمن، وفيّة لأعلامها، غفيرة، تسير في مواكب النصر، ويحف بها البشر من كل صوب.

أفواج المدرسة الخمينية هم حملة فكر الإمام المؤسس، ولكنهم بالتأكيد حملة وصية أمير المؤمنين، الإمام علي (ع) إلى الحسن والحسين، ولديه الإمامين العظيمين، حيث قال:

«كونا للظالم خصماً، وللمظلوم عوناً». (نهج البلاغة، الكتاب رقم 74)

كأنه قال (ع) كونوا حرباً على الظلم، وانصروا حرب المظلومين.

فهل كانت الثورة الإسلامية في إيران، إلا ثورة المقهورين على القهر، وثورة المظلومين على الظلم، وثورة الأخيار والأطهار على الفساد والمفسدين؟

لقد بات من الراهن في عرف العالم، أن ثورة الإمام الخميني، هي غضبة الناس من أجل كراماتها، ومن أجل حرياتها، وثورة المساجين ضد سجّانهم، وسيف الحق بيد المستضعفين.

وأما النصر الذي أيّده الله، فقد كان نصر الشعب على الحاكم الذي اختصر النظام بعرشه، فأطاح الشعب عرشاً لم يكن محصّناً إلا بأجهزة القمع، وبإرادة الأجنبي.

شعب إيران، عرف قائده الحقيقي، فانتظم في مسيرة القائد، ليقيم نظاماً معبّراً عن إرادته، منسجماً مع إيمانه، ممثلاً لأهدافه ورسالته.

ذلك بهاء للثورة الإسلامية، وانجاز من منجزاتها بالمعنى الديمراطي.

ولكن ثمة بهاء لهذه الثورة في مدارها الإنساني، وهو كونها أم ثورات هذا العصر، يقودها الإيمان، لتهزم إلحاد الملحدين.

قبلها، كان التسلط والظلم والفساد، عناوين إمبراطورية أسيرة للمقتضى المادي... بعدها، صار الإيمان يرسم حدود المادة، ويوظفها في خدمة العمران والشأن الإنساني.

قبل ثورة الإمام الخميني، كانت صورة إيران في ذهن العالم صورة الدولة المستعمرة بفعل الدعم الخارجي، دعم قوى الاستعمار والاستكبار العالمي... وبعدها باتت إيران دولة قائمة بقوة شعبها، ومؤسساتها، تسير بهدي المخلصين.

قرأت للإمام الخميني وصاياه إلى ولده، فإذا بها صيغت بفكر القائد الذي يعتبر الرعية كلها، مجموعة من أبنائه الأقربين، وبفكر المؤسس الذي يقيم مداميك مدرسته، على دعائم إيمانه، وفي ضوء رؤيته البعيدة، لمسلك الحاكم القائد.

أوصى بإعانة عباد الله، خصوصاً المحرومين منهم، والمساكين المظلومين، وبالسعي في خدمة هؤلاء جميعاً، وحمايتهم من المستكبرين والظالمين.

وحذّر من غواية السلطة، ومن العبث بحقوق الناس، ومن مغبة التورّط مع المعتدين على حقوق الآخرين.

قال في إحدى وصاياه:

«إحرص على أن لا تغادر هذا العالم بحقوق الناس. فما أصعب ذلك، وما أقساه. واعلم أن التعامل مع أرحم الراحمين، أسهل بكثير من التعامل مع الناس. نعوذ بالله تعالى أنا وأنت وجميع المؤمنين، ومن التوّرط في الاعتداء على حقوق الآخرين، أو التعامل مع الناس المتورطين».

بهذا الفكر، حملت الثورة الإسلامية، راية العدالة، فكانت جامعة للقيم الإنسانية التي تدّعيها شعوب الأرض قاطبة، وحملت بذلك بذارها الخيّر، الذي ينبت في كل أرض صلاح، فيورق، ويثمر، وتحصد الإنسانية من خيرات هذا العطاء.

قاد الإمام الخميني ثورة الحق. وحدّد دور الإنسان في خدمة الشأن العام، فقال ما معناه: إن النهوض بالمسؤوليات الإنسانية هو نهوض بخدمة الحق في صورة خدمة الخلق وقال أيضاً:

«إن الميزان في الأعمال هو دوافعها».

قلت إني هنا لأشهد، لا لأشرح. ولكن، فليؤذن لي أن أسجّل معكم، أن الحق ليس أنصبة ولا حصصاً مادية تدخل في حساب الأفراد، بل مجموعة من القيم الحضارية، والقيم الوطنية، والقيم الإنسانية في صدارتها حق الشعوب بالحرية، وحق الأوطان بالتحرر، وواجب المواطنين في حمل مسؤولية التحرير، وحق الأحرار بقيادة المقاومة في سبيل التحرير.

الثورة الإسلامية، حضنت هذه الحقوق جميعاً، وحضنت الحق العربي، وأخلصت في كل مضمار، وتحالفت مع القادة المناضلين. مع سوريا الأسد، مع حافظ الكرامة وأسد التحرير.

وكانت هذه الثورة ملهمة المقاومة في لبنان، نصيراً للأبطال رافعي أعلام العزة والكرامة، في سبيل تحرير أرضنا الغالية، في الجنوب والبقاع الغربي.

هذه المقاومة، التي هزمت غطرسة العدوّ الإسرائيلي، وضعت المرحلة الراهنة من تاريخ وطننا تحت عنوانها البهيّ، وأعني لبنان المقاوم، لبنان الممانع، ولبنان القويّ بقوة جيشه، وبمواكب الشهداء من أبنائه الأكرمين.

بوركت ثورة عمادها الإيمان، ونهجها تحرير الأوطان، وغايتها نصرة القيم الغالية، وخدمة الإنسان.

حقق الله للثورة وأبنائها، وحلفائها، النصر، والمجد لنضال المناضلين الشرفاء. ومنّ على لبنان في عهد الرئيس العماد، بنعمة الحرية، وقرّب مهرجان الشعب، احتفالاً بالنصر في أجمل أعيادنا، عيد التحرير، بإذن الله.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة