Skip to main content

الإمام الراحل والتغيير الاجتماعي

التاريخ: 24-03-2008

الإمام الراحل والتغيير الاجتماعي

الإمام الراحل والتغيير الاجتماعي إنّ صورة المجتمع التي أرادها الإمام الخميني الراحل في إيران والعالم الإسلامي كله هي نفسها الصورة التي رسمها الإسلام للمجتمع الإسلامي، وأن تغييب ملامح منهجه(قدس سره) العملي سيحرم الأمّة من أثرى وأغنى تجاربها، وسيقلّل من فرص الاستمرار بالنجاح الذي آلت إليه حركته المباركة، وُستحرم بالتالي مراكز التأثير الاجتماعي من عناصر القوة التي تمكنها من الاستمرار في صيانة المجتمع الإسلامي الملتزم

الإمام الراحل والتغيير الاجتماعي

إنّ صورة المجتمع التي أرادها الإمام الخميني الراحل في إيران والعالم الإسلامي كله هي نفسها الصورة التي رسمها الإسلام للمجتمع الإسلامي، وأن تغييب ملامح منهجه(قدس سره) العملي سيحرم الأمّة من أثرى وأغنى تجاربها، وسيقلّل من فرص الاستمرار بالنجاح الذي آلت إليه حركته المباركة، وُستحرم بالتالي مراكز التأثير الاجتماعي من عناصر القوة التي تمكنها من الاستمرار في صيانة المجتمع الإسلامي الملتزم.

فما هي أسس منهج الإمام الخميني في التغيير والتحصين الاجتماعي التي ينبغي على القوى المسؤولة أن تتبعها لكي يستكمل المجتمع عملية استعادة ثقافته الأصلية وسلوكه الإنساني النبيل؟

إنّ كلمات وتوجيهات الإمام الراحل تتضمن خلاصة فكره في تأسيس دور للأوساط المعنية، يحملها مسؤولية الحفاظ على صورة المجتمع الإسلامي، والسعي الفعلي لا مجرد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورتها العامّة، بل في التدخل العملي لمواجهة ومنع آثار الغزو الثقافي وتدخّله في بنية المجتمع الإسلامي الإيراني، سواء أيام الحكم الطاغوتي البائد أو بعده.

فالرسالة الاجتماعيّة تتجدد بفهم الإسلام الصحيح، والعمل على توريث المجتمع سلوكياً واعياً للأجيال القادمة.

ولا يخفى أنّ الإمام الراحل أراد ـ فيما أراد ـ من المرأة أن تبادر إلى الفعل والتغيير لواقع تعتبر هي، وبالظروف الشرعية، أنّها مظلومة أو لا تستطيع العيش فيه.

وقد وصف إمامنا هذا السبيل الشرعي بأنّه طريق سهل أمام المرأة.

وفي سياق حديث الإمام الخميني عن المرأة يضع فعل كلّ الحركات الإصلاحيّة والاجتماعيّة في كفة، وحركة المرأة الصالحة في المجتمع في كفة أخرى موازية للأولى، لا بل أنّ مبرّر وجود الحركات الأولى ينتفي بمجرد أداء المرأة لدورها الإصلاحي والتربوي.

وفي هذا إشارة إلى عنصر قوة داخلي في المجتمع الإسلامي الذي يتطلّع الإمام (قدس سره) إلى تغييره، وهو حركة المرأة فصلاح أي مجتمع وفساده منوطان بصلاح نسائه وفسادهن، فالمرأة هي الوحيدة القادرة على أن تربّى في حجرها أفراداً صالحين للمجتمع، وقد يكون هؤلاء السبب في سموّ المجتمعات واستقامتها، وفي الوقت نفسه، يمكن للمرأة أن تربّى أفراداً على العكس من ذلك تماماً، كما ورد ذلك في إحدى خطابات الإمام الراحل.

ولكن أي قاعدة ينبغي أن تنطلق منها المرأة لتكون صالحة في فهم الإمام؟ نقرأ ذلك فيما طلبه من زوجته بعد الزواج، وهو التزام الواجبات الشرعية، والابتعاد عن الحرام فقط، ولا دخل له في ما تقوم هي به من المستحبات والمباحات، أما في الشؤون الخاصة، فإن لزوجته في ذلك كامل الحرّية.

وإذا كانت رؤية الإمام الخميني لصلاح المرأة المسلمة هو هذا، فكيف تراه ينظر إلى صلاح المرأة غير المسلمة؟

يجيب الإمام على طلب فتاة أوروبية بالنصح لها: حاولي أن تكوني مفيدة للمجتمع، حاولي أن لا تخضعي للقوة الشيطانيّة، حاولي أن تكوني إنسانة ملتزمة.

لقد تنبّه الإمام (رضوان الله عليه) إلى الأسلوب الاستكباري الأثيم لإفساده المرأة، ولذا نجده قد خصّ المرأة المسلمة بجانب كبير من اهتماماته وتوجيهاته، حتى غدت المرأة المسلمة ـ ليس فقط حاضنة جيدة وزوجة صالحة ومدبرة بيت منظمة ـ بل بطلة ثائرة على الظلم والطغيان، وعنصراً جوهرياً في التصدي للكفر، وإسقاط النظام المقبور، حيث قدّمت النساء أنفسهن بسخاء، وشجعن أولادهنّ وأزواجهنّ على المضي في طريق الشهادة في سبيل الإسلام.

يقول (قدس سره) بهذا الصدد: إنني أعتز بنساء إيران المكرّمات، إذ حصل فيهن ذلك التحول الذي استطعن به إحباط الخطط الشيطانيّة التي دامت لمدة تفوق الخمسين عاماً.

ومضى قائلاً: النصر والعزة للنهضة الإسلاميّة لنساء إيران المعظمات، والفخر لهذه الفئة العظيمة التي ساهمت كثيراً في انتصار الثورة بحضورها بكل بسالة في ساحة الدفاع عن الوطن الإسلامي والقرآن الكريم.

ولبيان مزيد اهتمام الثورة الإسلاميّة بالمرأة الإيرانيّة المسلمة، فقد أفرد لها عنوان خاص في مقدمة دستور الجمهورية الإسلاميّة هو (المرأة في الدستور)، ومما جاء فيه:

في ظل بناء المجتمع الإسلامي، لابد للطاقات البشريّة والتي ظلت حتى اليوم في خدمة الاستغلال الأجنبي أن تستعيد هويتها الحقيقية وحقوقها الإنسانيّة. والمرأة باعتبارها عانت المزيد من ظلم النظام الطاغوتي، فمن الطبيعي أن تنال القسط الأوفر من هذه الحقوق.

وتشارك المرأة في ميادين الحياة العملية الى جانب الرجل في إطار الإسلام.

كما ضمنت المادتّان: (20 ـ 21 ببنودها الخمس) جميع الحقوق الماديّة والمعنويّة للمرأة المسلمة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية.

إنّ الاستكبار العالمي الحاقد لم يفلح في إخضاع الأمّة الإسلاميّة وقهرها، إلا عندما عمل على تحطيم العنصر الأخلاقي في نفوس أبنائها، من هنا تنّبه الإمام الراحل إلى هذه الحقيقة الجوهريّة، فوجه جزءاً كبيراً من طاقته نحو ضرورة تدعيم الأخلاق، ووضع أسس تربية أخلاقيّة متينة، والعمل على تحصين المجتمع ضدّ مزالق التحلّل والميوعة والتهتك، ودفعه نحو تصعيد روحيّته، وذلك انطلاقاً من مسؤوليّته القياديّة للأمّة، فشدّد على ضرورة تهذيب المجتمع ـ نساءً ورجالاً ـ وترويض أنبائه أخلاقيّاً وروحيّاً حتى تصبح لديهم الأهلية لتربية الجيل القادم، ولذلك نجده (قدس سره) يخاطبهم في كتابه القيم(جهاد النفس)، قائلاً: قد تمتدّ أيدي السوء، وتنفث السموم من أجل تقليل الاهتمام بالشؤون التربويّة وبرامج الإصلاح، وتعيب على ذوي المقام العلمي أن يمارسوا القيام بدور التوجيه.

وألحّ الإمام الراحل على العلماء بالذات ليتّصفوا بالخصال الحميدة والصفات الخُلقيّة السامية، ويخلصوا نيّاتهم لله باعتبار أنّهم القدوة والأسوة، فإذا كانوا كذلك فإنّ الأمة ستقتفي آثارهم، وتنشدّ نحوهم، ممّا يكون له أكبر الأثر في تربيتها والتزامها بآداب الإسلام العظيمة التي تكفل للإنسان سعادة الدارين، وتحوّل المجتمع الإنساني إلى مجتمع نظيف طاهر، وتقربه إلى مرتبة المجتمع المثالي في الأرض.

لاشكّ أنّ المجتمعات الإسلاميّة تحفل بالمشاكل الأسريّة والاجتماعيّة، وليس ذلك بسبب الابتعاد عن الإسلام فحسب، بل أيضاً، بسبب القول المغاير للفعل، والفعل الذي لا يستند إلى المبدأ، وفي الإسلام نجد الكثير من التفاصيل لضبط حياة الأسرة والمجتمع على النسق الإسلامي، فيبقى أن المشكلة هي فيمن يطبق، وفيمن يقول ويفعل.

ولقد كان الإمام الخميني الراحل خير من قال، وعمل بالإسلام في عصرنا هذا، وخير أسوة وقدوة تقارب سيرتها بالإطلاع والمعرفة، وتقارب مرتبتها بالسعي المستمر على نهجها.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة